عدد المشاهدات:
ذكر السر:
وإن ذكر السر منازلات
وموجهات ورفعة إلى أعلى الدرجات لأنه ذكر... نفحة القدس العلية التي هي من روح
الحق تبارك وتعالى فإن ذكرها غيب غيب لا يلاح، وسر سر لا يباح، وأخفى من الخفا لا
يكشف عنه الوشاح، ولكن للرجال رضي الله عنهم شميم من هذا الذكر، ونور يتدلى لهم من حضرة القدس
به يتراءون الذاكرين في هذا المشهد الأعلى وهو مقام الإتحاد بمعاني المذكور عزَّ شأنه وقد نزلوا فيه بعد
مقامات الاصطناع والاصطفاء، فيذكرون بذكرهم ويحنون لنورهم ويتهيمون لرؤيتهم
ويحترقون شوقًا إليهم، وإن منازلهم أشار القرآن إليها بقوله عزَّ وجلَّ: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ
وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾، [35، محمد]. وبهذا نطوي البساط خشية أن تبتذل الحقائق
وتمتهن الرقائق، وتستباح الأسرار، قال الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
أخشى على الدر أن يلقى بمزبلة فيزدرى فأخون الحق والدينا
وذلك لأن الحضرة فوق
المقام والمكانة، ودونها المراتب والمنازل وهؤلاء هم الذاكرون الله حقًا ويقينًا
إذ أنهم يذكرون الله بالله، ويمجدون الله بالله، ويحمدون الله بالله، ويقدسون الله
بالله، ويعظمون الله بالله، اطلع الحق عليهم فأباحهم رؤية جنابه العلي، وأثنى
عليهم ثناء أسكر الأرواح العالية وحدثهم شفاها بقوله عزَّ وجلَّ: ﴿أنتم عبادي حقا أنتم عبادي حقا أنتم
عبادي حقا﴾.
يا ويحهم مما بهم في دهشة
وحبيبهم أنواره لا تحجب
طوبى لهم وحسن مآب،
أولئك لهم الرفيق الأعلى من الجنة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
للعارف بالله
فضيلة الشيخ
محمد على سلامة
مدير عام أوقاف بورسعيد سابقا