عدد المشاهدات:
السؤال الرابع والعشرون: ما
هي الصلة بين الجن والملائكة؟.
الجواب:
إن الملائكة عالم نوراني خلقه الله من
صفاء النور وبهائه، وإن الجن خلقهم الله من النار، وليس بينهما أي صلة من ناحية
الخلق والتكوين، لأن جسم الجن أصل تكوينه مادة ملتهبة ومشتعلة وأن النور المادي
أثر من آثار النار التي تلطفت وتصفت من عناصرها الكثيفة، ولكن النور الذى خلق الله
منه الملائكة هو نور معنوى خلقه الله من غير نار ومن غير لهب ولا اشعة حسية.
فهم اذن يمتازون فى نوعهم عن الجن، ولكن
المناسبة التى بينهم وبين الجن هو أن الجن عاقل، والملائكة كذلك، وأن الجن مكلف بأمور
الدين، وقد يطيع وقد يعصى، وقد يؤمن وقد يكفر، ولكن الملائكة مؤمنون بفطرتهم ولذلك
لما كلفوا بالأوامر من الله عزَّ وجلَّ
أسرعوا بالتنفيذ، فهم: ﴿
لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
[6،التحريم].
وإن حادثة السجود لآدم أكبر دليل على
ذلك.
هذا وقد يكرم الله بعض المؤمنين من الجن،
فيجاهدون أنفسهم في التخلص من فطرها وعناصرها الفاسدة، ويسارعون في طاعة الله
ورسوله، حتى يترقوا الى صفوف الملائكة، كما حصل مع ابليس لعنه الله – قبل الحكم
عليه بالطرد والحرمان والشقاوة الابدية.
فإن عنصر الجن وعناصر الإنسان قابلان
للترقي والقرب من الله ورسوله، والقابلية عند الإنسان أكثر منها عند الجن، لأن
عناصر الجن غالبًا ما تدعو للشطط والتهور، والتعالي والتكبر بخلاف الإنسان فإن
عناصره تدعو للاعتدال والتوسط في غالب الأحيان، وذلك هو ما وقع بالفعل عندما أمر
الله إبليس بالسجود لآدم فافتخر وتكبر بعنصره وقال: ﴿أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾. [12،الأعراف]. فالمؤمنون المخلصون من الجن لا يحرمون
من الإتصال بالملائكة لكن مع حفظ المراتب والمقامات ومع التزام الجن بآداب الله
ورسوله، وإن هذه الصلة جاءت من قدرة الجن على التشكيل فقد يصير فى كثير من حالاته
كالهواء الذى لا جرم له ولا كثافة، وجاءت أيضا من خفة حركته وسرعته الخاطفة ، لكن
الكافر – الشيطان – حرم من الإتصال بالملائكة وإذا أراد ذلك أتبعه شهاب ثاقب
فاحترق لأنه تعدى حدوده.