آخر الأخبار
موضوعات

الأربعاء، 21 فبراير 2018

- السؤال الثامن والخمسون: هل يجوز زواج الإنس من الجن او زواج الجن من الإنس؟.

عدد المشاهدات:

السؤال الثامن والخمسون: هل يجوز زواج الإنس من الجن او زواج الجن من الإنس؟.
الجواب:
لا يجوز التزاوج بينهما شرعًا بحال من الأحوال، وذلك لاختلاف الجنسين، فكل منهما له فطرته وطبيعته التى خلقها الله عليها، ولا تتفق طبيعة كل منهما مع الآخر، وأيضا فانه يشترط فى الزواج التكافؤ وهو أن يكون الرجل كفأ للمرأة فى النسب وفى المال والعلم والهيئة، وغير ذلك من الأمور التي يستقر بها الزواج ويستمر، كما تكون المرأة كفأ للرجل كذلك فى هذه النواحي، وليس هنا أي لون من ألوان التكافؤ في هذا النكاح، ولكن عدم الجواز شرعًا شيء ووقوع هذا التزاوج بالفعل شيء آخر لأنه قد يقع رغمًا عن أحد الطرفين، بحيث إذا لم يستجب عذب أو قتل، وغالبا ما يكون التناكح بين الإنس والجن من هذا القبيل، ويكون سببه شهوة الجن وعشقه لإنسان أو إنسانة ويكون كل منهما مقهورًا للجن، وقد يكون التزاوج بينهما باتفاق ورضا، وذلك نادر جدا، وهو محرم شرعا أيضًا كما ذكرنا، وفى حالات أندر قد يقهر الإنس الجن الذي يستخدمه، على هذا الأمر أي النكاح.
وكل هذه الأحوال سفاح وزنا يحاسب كل منهما عليها حسب أحكام الشريعة الغراء في الدنيا والآخرة وذلك باعتبار أن المغلوب على أمره منهما ليس عليه شيء، وإذا ولد منها ولد فانه يتبع الرجل فى النسب ويتبع اشرفهما في الدين ويجب على المسلم الذي أصيب بشيء من ذلك أن يتبرأ إلى الله منه، وأن يجتهد في التخلص من تسلط الجن عليه فى هذا الأمر، وأن يستعين عليه بأهل العلم والمعرفة في هذا الشأن، وذلك بعد اللجوء إلى الله والتحصن به من هذا اللعين، هذا وإن المؤمن الحق لا يصاب بشىء من ذلك لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾. [42،الحجر]. وقد حرم الله هذا الزواج بصغية الإخبار عن حال الجن والإنس، الذين استمتعوا ببعضهم فى شهوة الجنس، وغيرهما من الشهوات، فقال عز شأنه: ﴿وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ﴾.  [128،الأنعام]. والتحريم في هذه الآية الشريفة مأخوذ من قول الله تعالى: ﴿قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ ﴾. ردًا على قول الإنس ﴿ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ﴾. فإن النار يعذب الله فيها أصحاب الكبائر، الذين ماتوا عن غير توبة، فتبين إذن أن زواج الإنس من الجن وبالعكس واستمتاعهم ببعضهم من المحرمات الكبيرة هذا وإن التحريم بطريق الخبر أبلغ من التحريم بصيغة النهي لأنه يقتضى أن هذا الأمر محرم أصلاً فلا يلزم التنصيص عليه بصيغة التحريم والنهي كما يفيد أن هذا التحريم مقرر فى عرف الجن والإنس وفي عقولهم وأن المعنى العام لهذه الآية الشريفة أن الله يحشر الجن والإنس إلى الحساب يوم القيامة ويقول لهم عز شأنه: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ﴾. أي قد جمعتم حولكم من الإنس نفرًا كثيرًا تضلونهم عن سبيل الله وتضحكون عليهم، وتوبقونهم في المعاصي والمحرمات، وإن الشياطين لم تجب عن هذا السؤال بشيء، لأن سكوتهم إقرار منهم بهذا الفعل الذى نسبه الله إليهم وأيضًا لم يجيبوا عليه لأن شأنهم الإضلال والإغواء لبني الإنسان، إذ أنهم أعدائهم ويتربصون بهم دائما﴿ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ﴾. أي الذين اتبعوهم بولاء وإخلاص، وداروا في فَلَكِهِمْ ناصرين لإفكهم ومؤيدين لضلالهم وإجرامهم، قالوا ﴿رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ﴾. يعنى ارتكبنا معهم وارتكبوا معنا فاحشة الزنا وبلغنا فيها الغاية من اللذة والشهوة، وإن كلمه ﴿اسْتَمْتَعَ﴾. نص فى اتيان شهوة الجنس قال الله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾. [24،النساء]. ولا بأس من أن تتضمن كلمة ﴿اسْتَمْتَعَ﴾. باقي الشهوات واللذات الأخرى علاوة على معناها الأصلي مثل معاقرة الخمرة واستعمال المكيفات والمخدرات، وتناول الأطعمة المحرمة والخبائث من كل شيء من الأقوال والأعمال والأخلاق.
قوله تعالى: ﴿وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا﴾. أي استمر بنا هذا الحال المؤسف، والشأن المحزن حتى وصلنا إلى نهاية حياتنا الدنيوية، وجاءنا ريب المنون، وخرجنا من الدينا من غير توبة ولا أوبة، هذا الإقرار من الإنس يسجل عليهم أنهم استسلموا لشياطينهم بادىء ذى بدء، وغرقوا في شهواتهم وأمانيهم الخداعة، ولم ينكروا على انفسهم ولم يجاهدوا هؤلاء الشياطين وحتى لم يتخذوا منهم موقفًا حياديًا، فحلت على الجميع شقوتهم بقوله سبحانه ﴿قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ﴾. وهذه الفقرة تنص على أن هذه الآية خاصة بالمسلمين من الإنس والجن الذين قارفوا هذا المنكر وارتكبوا مع بعضهم فاحشة الزنا وغيرها من الفواحش، ولذلك لم يحكم الله عليهم بالتأييد فى النار كما حكم على الكافرين، وإنما حكم عليهم بالخلود فيها ﴿إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ﴾. أي إلى المدة التي يخرجهم الله فيها من النار بعد استيفاءهم عقاب هذه الجريمة شأنهم فى ذلك شأن مرتكبي الكبائر من المسلمين الذين ماتوا ولم يتوبوا من كبائرهم إن شاء عفى الله عنهم وإن شاء عذبهم على ذنوبهم ثم يخرجهم من النار بعد ذلك بمشيئته تعالى وقد ختم الله هذه الآية الشريفة بقوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ﴾. والحكيم هو الذى يصنع كل شيء لحكمة سامية قد لا تخطر على بال أحد العقلاء والرشداء، وقد يعلمها الله لهم ويمن بها عليهم، أو حكيم في فعله أي يحكمه ويتقنه ويبدعه حتى يكون هذا الفعل آية في الروعة والجلال والعظمة والكمال، أو حكيم ذو أناة وحلم وصبر طويل على عباده فلا يعالجهم بالعذاب، وإنما يعطى لهم المهلة بعد المهلة حتى ينفذ أجلهم الذي أمهلهم الله إليه فيسلبهم الله مدد الإمهال، ويأخذهم فجاة وهم لايشعرون ، وقوله سبحانه وتعالى ﴿عَليمٌ﴾. يعنى محيط بمعرفة كل شيء من الغيب والشهادة، ومن السر والأخفى ومن حديث النفس والنجوى ويعلم أمر هؤلاء الإنس والجن الذين ظنوا أن الله لا يعلم كثيرًا مما يعملون أو يقولون أو يبيتون وظنوا أنهم سيفلتون من عذاب الله وعقابه، كلا، لأن العليم جل شأنه قررهم على كبائرهم وأوزارهم وجميع أفعالهم، فأقروا واعترفوا، ولم يكن لهم قدرة على الإنكار لأن أعضائهم ستنطق بما عملت وتشهد على نفسها بما صنعت، والحكيم العليم اخبرنا بهذا الغيب الذى سيكون يوم القيامة حتى نؤمن به بل نتصوره ونستحضره ونستبشع هذا المشهد الأليم، فتنزعج منه القلوب، وترعوي من هوله النفوس ويجاهد كل مسلم من الإنس والجن في تحاشى هذه المنكرات والفرار منها، لأنها شهوات قصيرة عاجلة بعدها نار حامية باقية، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير