آخر الأخبار
موضوعات

الثلاثاء، 20 فبراير 2018

- ذكر اللسان

عدد المشاهدات:

ذكر اللسان
هو حركة اللسان وتلفظه باسم من أسماء الله التسعة والتسعين أو بكلمة التهليل ـ لا إله إلا الله ـ أو بكلمة التحميد ـ الحمد لله ـ أو بكلمة التكبير ـ الله أكبر ـ أو بكلمة التسبيح ـ سبحان الله ـ أو بكلمة الاستغفار ـ أستغفر الله ـ أو بكلمة الشكر ـ الشكر لله ـ أو بكلمة البسملة ـ بسم الله الرحمن الرحيم ـ أو بكلمة الاستعاذة ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ـ أو بكلمة الحوقلة ـ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ـ أو بكلمة الاسترجاع ـ إنا لله وإنا إليه راجعون.
أو غير ذلك من عبارات ذكر اللسان، أما حقيقة الذكر فهو الخروج من النسيان والغفلة إلى التذكار والذكرى بحيث يكون الذاكر متذكرًا للمذكور سبحانه وتعالى، مراقبًا له جلَّ شأنه، مستحضرًا أنه في معيته جلَّ ذكره، وأن الله يسمعه ويراه، ويحبط به ويعلم سره وعلانيته.
وذكر اللسان باب لذكر العقل والمشاعر والضمير، بحيث أن اللسان إذا سكت عن الذكر انسد الباب على هذه القوى، وحجبت عن الله عزَّ وجلَّ، وهذه الحالة إنما تكون في بداية السير والسلوك بالنسبة للمريدين.
أما أهل مقامات التمكين فإنهم في شغل شاغل بالله ورسوله، ومشاعرهم في مراقبة الحق جلَّ جلاله، وقلوبهم عامرة برؤية معاني أسمائه وصفاته عزَّ شأنه، وأرواحهم هائمة ومشتاقة إلى التخلق بأخلاقه سبحانه وتعالى، وهؤلاء قد تمكنوا في المنازل والمقامات فإن سكتت ألسنتهم عن الذكر فإن قلوبهم ذاكرة فاكرة حاضرة، وهذا هو الذكر الحقيقي، الْمَعْنِيَّ بقول الله تعالى: ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، [28، الرعد]. وذلك بعد قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ﴾، [28، الرعد].
هذا وإن ذكر اللسان هو عمله وعبادته لأنه جارحة من جوارح الإنسان، وقد فرض الله عليها عملاً تقوم به له سبحانه وتعالى، وهذا العمل هو الذكر وقول الخير حيث قال جلَّ شأنه: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾، [103، النساء]. ونهاها عن ترك ذكره جلَّ شأنه في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، [19، الحشر]. وإن الفاسقين هم الذين خرجوا من آداب الطاعة وانسلخوا من لباس التقوى، وتركوا ذكر الله الذي أمرهم به.
هذا وإن الذكر الذي أوجبه الله علينا، هو غير بقية العبادات التي فرضها الله علينا من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة، وغيرها من الطاعات، وإن كان من حكمة تشريع هذه العبادات ذكر الله عزَّ وجلَّ في كل موطن من مواطن هذه الطاعات، وعند كل وقت من أوقاتها، كما أن لها حكمًا أخرى جلت عن الحصر ليس هنا مجال ذكرها، وإنما الحكمة من ذكر اللسان، هي قيامه بواجبه نحنو الله سبحانه وتعالى حسبما أمره، وخروجه من سجن الغفلة والهجران، وتنبيه بقية القوى الإنسانية لذكر الله، لأنه هو الباب الذي يقرعه الإنسان، لتنبيه من بالدار من السكان وأيضًا من حكمة ذكر اللسان نواله الثواب والأجر من الله تعالى عن كل حركة يتحركها في ذكر الله لأن هذا الذكر عمل صالح من أعماله التي يثاب عليها، كما أن تركه الذكر عمل سيء من أعماله التي يحاسب عليها وإن من شروط صحة هذا الذكر وقبوله عند الله أن يكون اللفظ صحيحًا وأن يكون اللسان مستقيما إلا إذا كان به علة فإن الله يتقبل من الإنسان جهده وطاقته ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها وكل شيء عنده بمقدار، وأيضًا من حكمة ذكر اللسان تجديد الأحوال العلية، وتذكير الرفاق والأهل والصحاب الذين يشاهدون هذا الذاكر، فيذكرون بذكره، ويتأثرون بحاله، وله حكم أخرى لم أتذكرها الآن قد يعرفها إخواني الذاكرين رضي الله عنهم، فإنه تتجلى لهم في ذكرهم حقائق صادقة، ومشاهد حقة، وغيوب رقيقة وأنوار سنية وعلوم وهبية وقد كان بعضهم ينزل الأسواق ويذكر الله بصوت مرتفع فينبه الناس المنهمكون في البيع والشراء ويذكرون الله بذكره. كم نحن في أمس الحاجة لذكر الله حتى نكون مثلهم في اقتباس هذه المعاني، وتلقي هذه الأسرار. فإن الذكر من أعظم أدلة الحب لله عزَّ وجلَّ، فمن أحب شيئًا أَكْثَرَ من ذكره، وأَولِعَ به قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ﴾، [165، البقرة]. ومن أحب الله أحبه، ومن أ؛به الله آثره بخيره وبره وإحسانه ووالاه بفضله ورحمته ورضوانه، فكم للذكر من مكرمات وبركات يًكْرِمُ بها أهله، وكم للذكر من نفحات وهبات يُنْعِمُ بها على رفاقه وصحبه، قال جلَّ ذكره: ﴿.......... ﴾، [35، الأحزاب]. وقال الله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾، [152، البقرة].
أسأل الله من فضلة أن يجعلني وجميع إخواني المؤمنين من الذاكرين، إنه مجيب الدعاء، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
للعارف بالله
فضيلة الشيخ
محمد على سلامة
مدير عام أوقاف بورسعيد سابقا

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير