عدد المشاهدات:
السؤال الثاني و الثلاثون: ما
هيَ حقيقة حياة الجن؟.
الجواب:
إن حقيقة حياتهم تتميز بالفساد والإفساد،
لأن أصل تكوينهم هو النار المسممة، ومن طبيعتها أن يتطاير منها الشرر فيؤذى من
حولها أو يهلكه، لأنه شرر محمل بالسموم، ونحن نعلم أن هناك ريحًا حارة تهب على
الناس فى فصل الصيف، فتؤذى من يتعرض لها وتلفح وجهه بحرارتها القاسية ويقال لها
ريح السموم. هذا وإن المؤمنين من الجن قد شغلوا انفسهم بعبادة الله وعمل الصالحات،
وقد جاهدوا تلك العناصر الضارة التي في أنفسهم، فهذبوها ولطفوها، فلا يضرون إلا من
اعتدى عليهم، أما من أذاهم بدون قصد فقد يعفون عنه وقد ينتقمون منه، والانتقام أقرب
إليهم من العفو.
هذا وأن حياة الجن ذات حركة شديدة لا
تهدأ الا قليلاً، وهى أوقات قصيرة ينامون فيها، وإن حياتهم لا تتاثر بالليل ولا
بالنهار، ولا بالحر ولا بالبرد ولا بالبعد ولا بالقرب، وأن لهم آجالا ينتهون فيها ويموتون
حسب تقدير العزيز العليم، لكنهم يعمرون أزمانا طويلة، وكلنا يعرف أن إبليس لعنه
الله قد أمهله الله إلى يوم القيامة وهو من فصيلة الجن، وكان قد عمر قبل آدم عليه
السلام بأكثر من مائة ألف عام ولما أخبر الله الملائكة بأنه سيجعل في الأرض خليفة:
﴿قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء
وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾.[30،البقرة].
يشيرون بذلك إلى الجن الذي عاش في الأرض وأفسد
فيها من قبل هذا الخليفة حيث كان لهم تجربة معه فظنوا أن الخليفة سيكون من هذا
النوع ونسوا أن الله وصفه بالخلافة وأن الله لم يستخلف أحدًا من قبل وذلك لأن الله
لما خلق الجن أمره أن يعمر الأرض بالخير والعبادة والعمل الصالح، فخالف الجن أمر
ربه، وأفسد في الأرض وسفك الدماء، وسعى في خرابها، فأمر الله الملائكة فحاربوهم،
وقهروهم وطردوهم إلى قعر البحار والبرك والمستنقعات والصحارى والقفار، ولما أهبط
آدم إلى الأرض، أسرع الجن بالعودة إلى الأماكن التي طرد منها، ليحاربه ويوسوس إليه
هو وذريته ليضله ويفسد عليه أمره لأنه عدوه اللدود ومن هنا عرفنا أن طبيعة الجن هي
الإفساد في الأرض، وإغواء عباد الله، وكل ما جاء على طبيعته وأصله لا يُسأل عن
علته وسببه، وإن كانت العلة هنا واضحة لا شية فيها.