عدد المشاهدات:
ذكر لطيفة البرزخ:
والبرزخ في هذا المقام
هو فناء العبد عن حظه وعن شهوته وعن طمعه وعن أمله وعن حرصه وعن كل ما يعوق سلوكه
من الاندماج في عباد الله الصالحين، حتى يفنى عن شهود نفسه وعمله وعلمه وصالحاته
وقرباته وكل ما يشتم منه رائحة السمعة والتظاهر والرياء وحب المدح والثناء، وما
إلى ذلك من دواعي النفس البشرية، أو من تطلعات النفس الملكية وعليه يكون البرزخ
حينئذ هو أن لا يرى العبد لنفسه وجودًا ولا حالاً ولا مقامًا ولا أي شيء لأنه
كالميت الذي لا حول له ولا طول، ولا عمل له ولا حيلة ولا علم له ولا كشف، ويكون
ذكره في هذا المشهد ـ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ـ ملاحظًا أنوارها
مشاهدًا أسرارها، مستغرقًا في معانيها، ولا يقل ذكره فيها بهذه الكيفية عن مائة
مرة يوميا، فإذا انتهى مجلسه قال لا إله إلا الله ثلاث مرات وبعد الثالثة يقول
سيدنا محمد رسول الله صلى الله
عليه وسلم اللهم إنك أمرتنا بأن ندعو لمن أسديت لنا نعمة على يديه فنسألك أن تجازي
أستاذنا أبا العزائم عنا خير الجزاء بمغفرة ورضوان وخير في الدنيا والآخرة وتمنحنا
وإخواننا أين كانوا وكيف كانوا العمل بالسنة والتوفيق والحفظ من معاصيك سبحانك ومن
الشر والأشرار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيخ الدجال وأسبغ علينا نعمك
ظاهرة وباطنة يا مجيب الدعاء وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ورضي
الله عن أصحاب رسول الله أجمعين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين. ثم تقرأ الفاتحة لإخوانك المسلمين.
ولطيفة البرزخ هذه
يتلقاها المؤهل لها من الداعي إلى الله على نور وعلى بصيرة، وهو الذي عرف المبدأ
والمعاد وألهمه الله علم ما لم يعلم، وعرف كيفية تزكية النفوس وتطهيرها، وكيفية
الإقبال بها على الله عزَّ وجلَّ وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وبعد أن يتم الذاكر
العدد المسموح به من صاحب الإذن يلقنه لطيفة البرزخ الثانية وهي: ﴿لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ
إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، [87، الأنبياء].
فيذكرها كذلك كل يوم
مائة مرة على أن يقرأها قراءة صحيحة حسب التلقين مع التحقق من كمالاتها، ومشاهدة
أنوارها، والخشوع لجلالها لأنها ذكر سيدنا يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت
وبطنه منزل من منازل البرزخ، فإذا أتم العدد المأذون له به من صاحب الإذن يلقنه
اللطيفة الثالثة وهي قول الله تعالى: ﴿حَسْبِيَ
اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ﴾، [129، التوبة].
فيذكرها كل يوم مائة
مرة ويلاحظ أثناء الذكر أنه يذكر بلسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنها كانت من ذكره عليه الصلاة والسلام، كما يلاحظ أنه يتلو
القرآن الكريم، ويناجي ربه بهذه الآية الشريفة مع مشاهدة مجالي هذه الحضرة، من
التسليم الأكبر لذات الله، وكمال الثقة بجنابه العلي فإذا أتم العدد المصرح له به
لقنه الشيخ اللطيفة الرابعة وهي قول الله تعالى: ﴿إِنَّ
وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾، [196، الأعراف]. فيذكرها كل يوم مائة
فَاقِهًا أسرارها واعيًا لوارداتها ومنازلاتها فإنها حضرة فوق العقل والروح لأن
الله إذا تولى عبدًا كان عوضًا له عن كل شيء، ورفعه ورقاه وآنسه وهناه وخفض دونه
كل مقام فإذا انتهى من وردِه الذي أمره به
الإمام ينتظر بعد ذلك السماح له بذكر لطيفة أخرى من اللطائف التي أشرقت أنوارها في
نفسه وفي كل يوم يذكر فيه يختم بما أشرنا إليه من قبل عند ذكر لطيفة البرزخ
الأولى.
فالذكر يا أخوتي من سابق الحسنى
من يذكر الله يذكره مع الآل
واللطيفة هي المعنى
الرقيق الذي لا يدركه إلا خاصة الخاصة من عباد الله المؤمنين قال الله تعالى: ﴿يَخْتَصُّ
بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾، [196، الأعراف]. وصلى الله على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم.
للعارف بالله
فضيلة الشيخ
محمد على سلامة
مدير عام أوقاف بورسعيد سابقا