آخر الأخبار
موضوعات

الجمعة، 27 أكتوبر 2017

- لماذا يجب أن تتصوف ؟

عدد المشاهدات:
لماذا يجب أن تتصوف ؟
ونقدم عشره أجوبه على السؤال فيما يلي :
أولا : لإحراز حقيقة الإسلام كما بينها القران العظيم في قوله تعالى (بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )
فإسلام الوجه لله تعالى هو كما قال الإمام الالوسى المفسر إخلاص النفس والقصد لله تعالى بحيث لا يشرك به غيره ولم يقصد سواه فالوجه إما مستعار للذات باعتباره اشرف الأعضاء وأما مجاز عن القصد ، لان القاصد للشئ مواجه له فلا يتم الإسلام إلا بتمام إخلاص النفس وصدق التوجه إلى الله تعالى وهو محور التصوف .ثم في التفسير الصوفي الإشارى للأيه الكريمة : يقول قدس الله سره : ( من اسلم وجهه وخلص ذاته من جميع لوازمها وعوارضها لله تعالى بالتوحيد الذاتي عند المحو الكلى وهو مستقيم في أحواله بالبقاء بعد الفناء مشاهد ربه في أعماله راجع من الشهود الذاتي إلى الإحسان الصفاتى –الذي هو المشاهدة للوجود الحقاني ( فله آجره عند ربه ).
وثانيا : لاستكمال أركان الدين بالتحقق بمقام (الإحسان). يقول العارف بالله تعالى سيدي احمد بن عجيبة الحسنى رضي الله تعالى عنه مقام التصوف هو مقام الإحسان الذي فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :( أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فانه يراك ) وذلك لا يصح بدون ما تقع به العبودية والتعبد من عقائد الإيمان وأعمال الإسلام فهما ظاهره وهو باطنهما ، فلا قيام لهما إلا به ولاصحه له بدونهما ،فهو كالروح وهما كالجسد ومن ثم نقول أن التصوف هو روح الإسلام.
وثالثا : يجب التصوف لتحقيق القوّامية لله على النفس وذلك امتثالا لأمر الله تعالى في قوله عز وجل ( يأيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ).
يقول حجه الإسلام الإمام الغزالي رضي الله عنه في تعريف (الصوفي )
وقيل : الصوفي هو الذي يكون دائم التصفية لا يزال يصفى الأوقات عن شوائب الاكدار بتصفية القلب عن شوائب النفس، ومعينه على هذه : دوام افتقاره إلى مولاه فبدوام الافتقار يفطن للكدر كلما تحركت النفس وظهرت بصفه من صفاتها أدركها ببصيرته النافذة وفر منها إلى ربه فبدوام تصفيته جمعيته وبحركة نفسه تفترقته وكدره فهو قائم بربه على قلبه وقائم بقلبه على نفسه قال الله تعالى :( كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ).
وهذه لله على النفس وهو تحقق بالتصوف.
رابعا : يجب التصوف لتحقيق كمال العبودية لله تعالى : وللتحقق الفعلي بقوله تعالى :( إياك نعبد وإياك نستعين ) فقد قال الإمام الغزالي في تعريف التصوف : ( التصوف طرح النفس في العبودية وتعلق القلب بالربو بيه) وقال الإمام أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه ( التصوف تدريب النفس على العبودية وردها لأحكام الربوبيه )
وفى معنى العبودية يقول رضوان الله عليه :( العبودية هي امتثال الأمر واجتناب النهى ورفض الشهوات أي المحرمة والمكروهة والمشيئات على الشهود والعيان )
والتصوف يسمو بالعبد في مدارج السلوك إلى الله تعالى بدءا من العبادة التي هي أقصى مراتب الخضوع والتذلل ومرورا بمرتبه العبودية التي يعبد فيها العبد ربه تشرفا بعبادته والانتساب إليه تعالى ليصل إلى قمة ( العبودية ) وهى عبادته تعالى لاستحقاقه الذاتي وهى التي تسمى عباده الأحرار !! أليس ذلك حقا لله تعالى على العبد ؟ وواجبا يجب على العبد تحقيقه ليحظى بكنه ( إياك نعبد ) ؟؟
وخامسا : يجب التصوف للتحرر من عبودية ما سوى الله تبارك وتعالى كالنفس والشيطان والدنيا والهوى فالحرية من ثمار التحقق بالعبودية لله تعالى .
قال الإمام القشيرى في الرسالة ( واعلم أن حقيقة الحرية – أي مما سوى الله تعالى – في كمال العبودية – أي لله تعالى - فإذا صدقت لله عبودية خلصت عن رقه الأغيار حريته ) ويقول في معنى الحرية ( الحرية : أن لا يكون العبد تحت رق المخلوقات ولا يجرى عليه سلطان المكونات.
وهنا أقول : إن كثيرا من الناس اخطأ في فهم حقيقة الحرية فاخذ أصحاب المذاهب الأرضية كالوجودية والعلمانية والليبرالية ينشدون الحرية في التخلص من الدين والمبادئ الآخلاقية فوقعوا في شرك عبودية النفس والشهوات والشيطان حيث ضلوا عن تحقيق العبودية لله تعالى ، ولم يظفر بحقيقة الحرية إلا السادة الصوفية .
سادسا : انه يجب التصوف لإصلاح القلب وتصفيته لله تعالى من الشوائب والكدورات فقد قدمنا في تعريفات التصوف : تعريف الإمام أبى يزيد البسطامى قدس الله سره له بلسان الشريعة انه ( تصفيه القلب من المدورة واستعمال الخلق مع الخليقة وإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الشريعة فالصوفية هو ساده أطباء القلوب العارفين بعللها وأمراضها ومسالك الشيطان فيها وهم أصحاب المناهج السلوكية في معالجتها ( انظر على سبيل المثال كتاب شرح عجائب القلب من موسوعة الأحياء للإمام الغزالي وهم القائمون بكشف حجب القلوب لمطالعه أنوار الغيوب ومن ثم كان وجوب التصوف لتحقيق سلامه القلب ( إلا من أتى الله بقلب سليم ) فلما كانت سلامه القلب من الواجبات كانت الوسيلة إلى ذلك واجبه وجوبا عينيا.
سابعا : إنما كان التصوف فريضة شرعيه لتحقيق ( الربانية ) المنشودة التي صدر الأمر الألهى بالتحقق بها في قوله تعالى ( ولكن كونوا ربانيين ، بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ) فالرباني هو المنسوب إلى الرب بمعنى كونه عالما به ومواظبا على طاعته والمعنى كما في تفسير ( البحر المديد ): ( كونوا ربانيين : عارفين بالله ) والربانية هي المصطلح المرادف للتصوف والدال عليه كما صرح العلامة أبو الحسن الندوى في كتابه (ربانية لارهبانية ).
ثامنا : يجب أن نتصوف للوصول إلى معرفه الله وولايته ، لأن معرفة الحق تعالى لا تنال إلا بالسلوك الصوفي ومجاهده النفس كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ  ) ومعرفه الحق تعالى لا تتحقق إلا لأوليائه الذين جاهدوا في الله حق جهاده فقهورا نفوسهم وأهواءهم . وهذه المعرفة هي ( حياه القلب مع الله تعالى ) هي للعارف مراه إذا نظر فيها تجلى له مولاه وناهيك بعلم اليقين وعين اليقين وحق اليقين ! والأولياء هم حزب الله المفلحون الذين اصطفاهم لمعرفته ومشاهدته وجعلهم ورثه نبيه صلى الله عليه وسلم وكتابه وحمله أسراره ومحل أنواره ولاريب أن طلب هذا الكمال الأعلى مما يجب الحرص عليه لتحقيق الخلافة عن الله في الأرض !
تاسعا : ثم انه يجب التصوف للاستغراق في معية الله تعالى وهو القائل سبحانه (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) وللتحقق بكنه المحبة لله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ) وذلك بسبق حبه تعالى لهم اذا اصطفاهم أولياءه ففي حديث الولاية القدسي الصحيح المُصَدّر بقول الله عز وجل :( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب) بين سبحانه منهج صفوه أوليائه بقوله :(ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به) الخ انه الفناء عن النفس والبقاء بالحق تعالى وتلك حقيقة الولاية والتصوف التي دعانا الحق تعالى إلى التحقق بها .
وعاشرا : يجب أن نتصوف لنتحقق بوراثة الرسول صلى الله عليه وسلم ونعيش في باطنه ( أي في أنواره الباطنه ) فقد روى صاحب الحلية عن سيدنا الإمام جعفر الصاق رضوان الله تعالى عليه انه قال: (من عاش في ظاهر الرسول فهو سني ومن عاش في باطن الرسول فهو صوفي) اللهم حققنا بهذا العطاء بحقه صلى الله عليه وسلم .
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير