آخر الأخبار
موضوعات

الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017

- بشرى ترك الفضول

عدد المشاهدات:
بشرى ترك الفضول
وهنا بشرى نحب أن تشيع بين الناس! فكلُّ واحد منا يحبُّ أن يحسن إسلامه ويرقى حاله ويزيد قرباً من سيده ومولاه، فتأتى له بشرى الحبيب الطبيب صلى الله عليه وسلم تقول له:
{ مِنْ حُسْنِ إسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ }(1)
وحتى يحسن إسلام المرء فلابد للسان ألا يتحرك إلا على الهدى المستقيم، فلا يدخل فيما لا يعنيه، فصاحب فضول ليس له نصيب فى الوصول، إلا إذا اجتث من نفسه ومن قلبه كل آلات الفضول، ولا يبقى له فضول إلا فى أحوال الصالحين، وفى رؤية سيد الأولين والآخرين، وفى المعانى العلية المبثوثة فى كتاب ربِّ العالمين، لكن الفضول فيما فى أيدى الخلق، أو ما على أجساد الخلق، أو فيما يسكنه الخلق! فلا شئ ينفعك من ذلك!
خبرونى بالله عليكم!ما نفع أن تعرف ما دار بين أخيك وزوجه؟ إذا لم يطلعك هو بنفسه! أو ما قال فلان لآخر؟ سيشغل إبليس قلبك بهواك فتضل وتزل وتنشغل جوارحك الظاهرة والباطنة بأسرار لا تنفع! بل وستصبح مثل بالونة مليئة بعورات الناس وأخبارهم وتريد أن تتقيأها فى كل مكان تذهب إليه فتصير عند الناس قتاتا وممقوتاً ! ويغلق الله دونك أبواب القبول والوصول وكلُّ خيرٍ مأمول! ولا يلبث الخلق أن يغلقوا أبوابهم بوجهك! ولذلك روى سيدنا أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
{ تُوفِّيَ رَجُلٌ فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ ورَسُولُ اللَّهِ يَسْمَعُ: أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:أَوَ لاَ تَدْرِي؟ فَلَعَلَّهُ تَكَلَّمَ فِيمَا لاَ يَعْنِيهِ أَوْ بَخِلَ بِمَا لاَ يَنْقُصُهُ }(2)
لأنه صلى الله عليه وسلم قد قال لهم محذراً ومنبهاً مراراً وتكراراً ..."
{ إنَّ اللّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثاً: قِيلَ وَقَالَ، وَإضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ }(3)
ِ
أما بشرى ترك الفضول التى يفهمها العارفون والصالحون، فلا تقتصر على ما مضى ولكن اسمع للعارفين إذ دأبوا على الحثِّ على ترك الفضول والبعد عن أخلاق الفضوليين الذميمة فيقول سيدى الشيخ ابْنَ الأَعْرَابِيِّ رضى الله عنه:
{ الْمَعْرِفَةُ كُلُّهَا الاعْتِرَافُ بِالْجَهْلِ، وَالتَّصَوُّفُ كُلُّهُ تَرْكُ الْفُضُولِ }(4)
ولذلك فإن من أعلى وأجمل ما قال العارفون فى ترك الفضول، ما قاله مولانا الإمام أبو العزائم رضى الله عنه فى بيان معنى ترك الفضول عند الصالحين إذ يوضح رضى الله عنه أن كل ما لا يسوق المرء لتهذيب النفس للوصول إلى الله هو من الفضول الممقوت والذى يجب تجنبه واستمتع بمعانى كلامه الراقى رضى الله عنه إذ يقول:
هذب النفس إن رمت الوصول*****غير هذا عندنا عين الفضول
حصل العلم بعزم صادق*****لا تكن في العلم كسلانا ملول
علم النفس توحيد العلي*****من بيان الآي عن فرد قئوول
فإذا صرت من أهل تلك الأخلاق العالية والآداب الراقية تزكو نفسك .. ويصير الشغل بذكر الله هو الأحب لقلبك ... فإذا شغلت نفسك بذكر الله وحب حبيبه ومصطفاه، والرغبة فى معرفة الأخبار العلية والمحادثات العلوية بين أهل الملأ الأعلى وأسرار التنزلات الرحمانية فى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية! فإن هذا بالطبع لن يستقيم لك إلا بدوام يقظة القلب و الإصرار على ترك الإشتغال بالخلق!
ولديها فتصير آلات استقبالك كلها موجهة للمصادر الربانية والفضائيات الإلهية السماوية وقنوات البث المحمدية العلوية! .. لا للأوساخ الدنية! والأخبار الدنيوية من القيل والقال أوكثرة السؤال عما لا يعنيك من الأحوال!.
فهؤلاء الذين أكرموا هم مقتصدون حتى فى حديثهم فى كلام الواحد المتعال أو فى حديث الحبيب الأعظم أو سيرة الآل، فكيف يستبيحون وقتهم فى الفضول أو اللهو فضلاً عن باطل أو قيل وقال بأى حال! وصلى الله على النبى المصطفى والآل.
----------------------------------------------------------------------
(1)عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، موطأ مالك ، وكثير غيره .
(2)رواه الترمذي عن أنس وقال: حديث حسن غريب، قال الحافظ: رواته ثقات، الترغيب والترهيب
(3)صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة.
(4)سير أعلام النبلاء
==========================================
منقول من كتاب بشائر الفضل الإلهى لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبوزيد
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير