عدد المشاهدات:
الشفاء بالصلاة
( اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ):
وماذا تفعل الصلاة؟ كل الأمراض
العصرية التي انتشرت بسبب التوتر والقلق والضجر والجزع والفزع، هذه الأعراض
العصرية نشرت عند الناس مرض السكر وضغط الدم وأمراض القلب.
وما الذي يحمي الإنسان من هذه
التوترات عندما يتعرض لهذه الهزات في دنياه؟ نسأل الله الذي خلق فسوى، أنا أريد يا
الله أن تعطيني مناعة من التوتر والعصبية والنرفذة والقلق والضجر، ماذا أفعل؟ قال
الله لنا:
( إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً
* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ )(المعارج) المصلين هم وحدهم الذين عندهم الوقاية، وإذا كان عندنا كثير من المصلين
وليس عندهم هذه المناعة، إذاً فهم لا يحسنون الصلاة، ولا يصلون بالكيفية التي
وضحها لنا الله في كتاب الله، وإنما كل واحد منهم يريد تنفيذ الأمر سريعاً حتى
يخرج إلى الأهواء وإلى المطالب، ويظن أنه قد أنهى ما عليه لله عزوجل، وهذه ليست
الصلاة.
ولكن للصلاة مواصفاتٌ قرآنية إذا أدَاها
المرء مقتدياً بالحبيب صلى الله عليه وسلم تُحقق المناعة من التوترات والقلاقل
والوساوس والأمراض العصرية التي انتشرت كالنار في الهشيم في مجتماعتنا الإسلامية،
مع أن مجتمعاتنا الإسلامية المفروض أن تكون بعيده عن كل ذلك.
المؤمن الذي يسير كما ينبغي كيف
يعيش في الدنيا؟ اسمع إلى الله وهو يصف ذلك فيقول:
( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ
ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) (97النحل) حياة لا فيها همٌ ولا
غمٌ ولا مفاتن ولا بلاء ولا ابتلاء، وإنما فيها سرورٌ وهناء بالصلة التي بينه وبين
الله عزوجل، وطالما هناك صلة بينه وبين مولاه، فكل ذلك يهون لأنه لا ينشغل عن الله
عزوجل بالدنيا ولا أهوائها ولا شهواتها.
وأيضاً الأوروبيون سخرهم الله
ليأخذوا آيات القرآن ويطبقوها في المعامل ليكون إثباتاً لهم، ونحن لا نحتاج لإثبات
ولكنه إثباتٌ لهم لإقامة الحجة عليهم على صدق القرآن على أنه كلام الرحمن عزوجل،
فقالوا إن الإنسان إذا تعرَّض لمشكلة مفاجئة بسبب همٍ نزل في الأهل، أو لأمرٍ
ألَمَّ به بدون استعداد، فعندما ينزل هذا الأمر على الإنسان ينزل على الأعضاء،
والأعضاء تُبلِّغ مخ الإنسان، والمخ يتصل بكل أعضاء الجسم لتستعد، فإذا هاجم
ميكروب الجسم يتصل فوراً ويقول لكرات الدم البيضاء اذهبوا فوراً للمكان الفلاني
لمحاصرة هذا الميكروب أو الفيروس وهكذا.
والكابلات النازلة من المخ لكل
أعضاء الجسم موجودة في رقبة الإنسان؛ كابلات إلهية توصل إلى كل أعضاء الإنسان التي
نعلمها والتي لا نعلمها، فإذا كان الإنسان يُسبِّح الله، أو يقرأ كتاب الله، أو يستغفر
الله، أو يعمل هذه الأعمال التي تصله بالله؛ تقوى الكابلات الإلهية في رقبة
الإنسان، وعندما ينزل به أمر تستوعبه وتجعله ينزل إلى الأعضاء ببردٍ وسلام فلا
يُؤذي الإنسان.
وإذا كان الإنسان بعيداً عن الرحمن
كما قال الله في القرآن: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ
قَرِينٌ ) (36الزخرف) من كان بعيدا فتكون وساوس الشيطان موجودة في صدره، وهواجس النفس مسيطرة
عليه وتحركه، فعندما تنزل الأوامر من المخ فالكابلات لا تستطيع تحمل صدماتها
وتتركها تُفرِّغ شحنتها، فإذا فرغَّت في الإثنى عشر يُصاب الإنسان بقرحة الإثنى
عشر، وإذا فرغَّت في البنكرياس يُصاب بالسكر، وإذا فرغَّت في الكبد يُصاب الإنسان
بمرضٍ في الكبد، وهكذا.
ما الذي يحمي الإنسان من هذه
الأمراض؟ المدوامة على الصلاة وإحياؤها، والمداومة على الأذكار التي تتخللها مع
الخشوع والحضور والمناجاة لله، أي تصلي وكأنك بين يدي الله؛ تخاطب الله جلَّ في
عُلاه، هذه الصلاة التي أمرنا الله عز وجل بها.
( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ) فبماذا يكون معهم؟ يكون معهم بلطفه، فلو نزلت الكارثة الكُبرى فيلطف الله عزوجل
بالعبد قبل نزولها، ولو تخلى الله عزوجل عن المؤمنين بلطفه ما استطاع واحدٍ منا أن
يتحمَّل بلية ولو كانت صغيرة، لكن الله بلطفه بالمؤمنين يُنزل جند اللطف قبل هجوم
البلاء، فيكون الإنسان مستعداً، فيجد صدَّاً من أعضائه ودفاعاً من جوارحه، من
النوازل التي تنزل به.
يمًدُّه الله عزوجل ويكون معه
لتفريج الكرب وكشف الغم وحل المشاكل وتحقيق المطلوب، وكلما اشتاق إلى أمرٍ ربما حقَّقه
الله له إذا صدق بدون طلب، فمن الناس من يحتاج ويطلب من الله، ومن الناس من يُعطيه
الله بلا طلب ويقول فيهم: ( لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) (22الشورى) لكن حتى ننتبه فمن
وصل إلى هذا المقام لا يطلب الدنيا، ولا العُلو فيها ولا الشهوات ولا الحظوظ،
وإنما يطلب ما عند الله (وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ) (آل عمران) يطلب قربه ورضاه، يطلب
معية حبيبه ومصطفاه، يطلب مقاماً عالياً في الجنة عند الله، يطلب شيئاً طيباً يليق
بالطلب الذي يطلبه من حضرة الله عزوجل، لأن الله عظيم ولا ينبغي أن يطلب المرء منه
إلا شيئاً عظيماً يليق بعظمته.
لفضيلة السيخ فوزى محمد أبوزيد