عدد المشاهدات:
في مجتمع صار يتصارع على فتات الحياة، ويتسابق على نيل المكاسب والملذات، ويقدم مصالحه الذاتية على المصالح العامة ومصالح الأقربين، ويبحث حثيثا عن كل نفعة صغرت أو كبرت فيسيل لعابه عليها، في ذلك المجتمع الذي ملأ جنبات أمتنا الإسلامية نتحدث عن النبلاء.
واقصد بالنبلاء أصحاب الخلق السامي الرفيع، والسمات العالية السامقة الراقية، والقلوب الطاهرة المخلصة، نتذكر من صفاتهم، ونتذاكر بعض خلالهم.
إنهم بحق غرباء في مجتمعات الغش والخديعة والمنفعة والمكر، وغرباء بين الجشعين والغشاشين والوصوليين والانتهازيين، وغرباء بين المنبهرين بالزخارف والمتنازلين عن المبادئ والبائعين القيم ببخس الأثمان، حق أن أسميهم الغرباء النبلاء!.
إنهم بذاتهم من يتحملون مسئولية تبليغ رسالة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - والدعوة إلى توحيد ربهم والإيمان به، يستمسكون بمنهاجه ويصبرون على ما يلاقونه في سبيله حتى يأتيهم اليقين.
فأول صفاتهم أن يبدو الإيمان في أقوالهم وأعمالهم، فيسمع الناس منهم عنه علما وفهما، ويروه بيانا وتطبيقا، حتى إنهم في أحيان كثيرة لا يكونون بحاجة أن يحدثوا الناس بالعمل وطرائقه إلا تعليما، إذ إنهم صاروا قدوة وبيانا له بأعمالهم وتصرفاتهم.
وهم يقولون ما يفعلون، ولا يكذب عملهم ألسنتهم، بل ربما سبق عملهم كلماتهم، وسبق تطبيقهم نصحهم للناس، فتأتي نصائحهم مؤثرة في قلوب الناس وعقولهم وهم في ذلك يطبقون التذكرة القرآنية الكريمة: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون).
وهم ليسوا بأهل خصومة ونزاع، بل يميلون غالبا إلى الرفق في الأفعال، والسماحة في المعاملة تطبيقا لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى))[رواه البخاري].
بل إنهم ربما خاطبهم الجاهلون فقالوا سلاما، فهم ليسوا بأهل جفوة ولا صخابين بالأسواق، ولا يجهلون على الجهال، بل يردون الإساءة بالمعروف ويدفعون بالتي هي أحسن.
والنبيل عادة يتغافل عن زلات الناس، ولا يقف عند سقطاتهم، بل يعذرهم ويقومهم، فيتصنع أنه لم يرهم على زلتهم لئلا يعرضهم لكسر نفسهم وشعورهم بالوحشة فيتفرد بهم الشيطان.
بل إنه ربما ناله منهم أذى أو ضرر فهو يصبر عليهم ابتغاء مرضات الله - سبحانه -، قدوته في ذلك توجيه نبيه - صلى الله عليه وسلم - إذ يحكي عن نبي من أنبياء الله شجّه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون))[أخرجه مسلم].
إنه يمسح الدم عن وجهه وكأنه لا يبالي بما أصابه من نزف الدم، لأن مبادئه وقِيمَه العليا تهوِّن عليه آثار الألم والوجع، وإذا به يعلو فوقها فيدعو الله لمن شجُّوه وآذوه دعوة بالمغفرة، ويبحث لهم عن عذر فيما فعلوه، كونهم لا يعلمون الحق، وبكونهم لم يصلوا إلى معان الصواب.
فالنبيل لا يخاصم بلسانه ولا ينوى الخصومة بقلبه ولا يخطرها على باله، وهو في ذلك عامل بوصف النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل من أهل الجنة " أنه يبيت وليس في قلبه غل لأحد".
بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كثيراً ما يدعو في وتره بقوله: ((وبك خاصمت، وإليك حاكمت)).
والنبيل يقرب من يقصيه عندما يعلم نفعا لمن أقصاه أو في حالات عوزهم أو فاقتهم أو حاجتهم و فينسى أذاهم، وهي سمة رجولة ونبل رآها العلماء في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكم من مؤذ للنبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه النبي ثم أعطاه ليرضى.
وكم من مقص له قربه ليدعوه إلى الخير والإيمان والهدى، قال ابن القيم: "وما رأيت ممن عايشتهم قط أجمع لهذه الخصال من شيخ الإسلام ابن تيمية فقد كان بعض أصحابه الأكابر يقول: وددت أنى لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه وما رأيته يدعو على أحد منهم قط، بل كان يدعو لهم ".
والنبيل دوما ينظر إلى عيوب نفسه ولا يلتفت إلى عيوب غيره المؤمنين، فلا يشتغل بنقض الناس ولا عيوبهم، ولا يتحسس أحوالهم أو يتجسس عليهم راجياً نبش العيوب، بل يسترها ويبحث في علاج حال نفسه.
والنبيل عادته بذل النفس والمال والجهد في معونة المؤمنين ومساعدتهم وقضاء حوائجهم في كل وقت بغير مسألة منهم و بل يشعر بحالهم ويشاركهم آلامهم وشكواهم.
إن حال هؤلاء النبلاء يلفه الصدق ويقوده الإخلاص، وتزينه الشفافية، ويضبطه الحياء والعفة ويستره الرضا والقناعة.
فمن لي بأمثالهم ليصيروا بعد الثريا أنجم؟!
منقول
واقصد بالنبلاء أصحاب الخلق السامي الرفيع، والسمات العالية السامقة الراقية، والقلوب الطاهرة المخلصة، نتذكر من صفاتهم، ونتذاكر بعض خلالهم.
إنهم بحق غرباء في مجتمعات الغش والخديعة والمنفعة والمكر، وغرباء بين الجشعين والغشاشين والوصوليين والانتهازيين، وغرباء بين المنبهرين بالزخارف والمتنازلين عن المبادئ والبائعين القيم ببخس الأثمان، حق أن أسميهم الغرباء النبلاء!.
إنهم بذاتهم من يتحملون مسئولية تبليغ رسالة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - والدعوة إلى توحيد ربهم والإيمان به، يستمسكون بمنهاجه ويصبرون على ما يلاقونه في سبيله حتى يأتيهم اليقين.
فأول صفاتهم أن يبدو الإيمان في أقوالهم وأعمالهم، فيسمع الناس منهم عنه علما وفهما، ويروه بيانا وتطبيقا، حتى إنهم في أحيان كثيرة لا يكونون بحاجة أن يحدثوا الناس بالعمل وطرائقه إلا تعليما، إذ إنهم صاروا قدوة وبيانا له بأعمالهم وتصرفاتهم.
وهم يقولون ما يفعلون، ولا يكذب عملهم ألسنتهم، بل ربما سبق عملهم كلماتهم، وسبق تطبيقهم نصحهم للناس، فتأتي نصائحهم مؤثرة في قلوب الناس وعقولهم وهم في ذلك يطبقون التذكرة القرآنية الكريمة: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون).
وهم ليسوا بأهل خصومة ونزاع، بل يميلون غالبا إلى الرفق في الأفعال، والسماحة في المعاملة تطبيقا لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى))[رواه البخاري].
بل إنهم ربما خاطبهم الجاهلون فقالوا سلاما، فهم ليسوا بأهل جفوة ولا صخابين بالأسواق، ولا يجهلون على الجهال، بل يردون الإساءة بالمعروف ويدفعون بالتي هي أحسن.
والنبيل عادة يتغافل عن زلات الناس، ولا يقف عند سقطاتهم، بل يعذرهم ويقومهم، فيتصنع أنه لم يرهم على زلتهم لئلا يعرضهم لكسر نفسهم وشعورهم بالوحشة فيتفرد بهم الشيطان.
بل إنه ربما ناله منهم أذى أو ضرر فهو يصبر عليهم ابتغاء مرضات الله - سبحانه -، قدوته في ذلك توجيه نبيه - صلى الله عليه وسلم - إذ يحكي عن نبي من أنبياء الله شجّه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون))[أخرجه مسلم].
إنه يمسح الدم عن وجهه وكأنه لا يبالي بما أصابه من نزف الدم، لأن مبادئه وقِيمَه العليا تهوِّن عليه آثار الألم والوجع، وإذا به يعلو فوقها فيدعو الله لمن شجُّوه وآذوه دعوة بالمغفرة، ويبحث لهم عن عذر فيما فعلوه، كونهم لا يعلمون الحق، وبكونهم لم يصلوا إلى معان الصواب.
فالنبيل لا يخاصم بلسانه ولا ينوى الخصومة بقلبه ولا يخطرها على باله، وهو في ذلك عامل بوصف النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل من أهل الجنة " أنه يبيت وليس في قلبه غل لأحد".
بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كثيراً ما يدعو في وتره بقوله: ((وبك خاصمت، وإليك حاكمت)).
والنبيل يقرب من يقصيه عندما يعلم نفعا لمن أقصاه أو في حالات عوزهم أو فاقتهم أو حاجتهم و فينسى أذاهم، وهي سمة رجولة ونبل رآها العلماء في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكم من مؤذ للنبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه النبي ثم أعطاه ليرضى.
وكم من مقص له قربه ليدعوه إلى الخير والإيمان والهدى، قال ابن القيم: "وما رأيت ممن عايشتهم قط أجمع لهذه الخصال من شيخ الإسلام ابن تيمية فقد كان بعض أصحابه الأكابر يقول: وددت أنى لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه وما رأيته يدعو على أحد منهم قط، بل كان يدعو لهم ".
والنبيل دوما ينظر إلى عيوب نفسه ولا يلتفت إلى عيوب غيره المؤمنين، فلا يشتغل بنقض الناس ولا عيوبهم، ولا يتحسس أحوالهم أو يتجسس عليهم راجياً نبش العيوب، بل يسترها ويبحث في علاج حال نفسه.
والنبيل عادته بذل النفس والمال والجهد في معونة المؤمنين ومساعدتهم وقضاء حوائجهم في كل وقت بغير مسألة منهم و بل يشعر بحالهم ويشاركهم آلامهم وشكواهم.
إن حال هؤلاء النبلاء يلفه الصدق ويقوده الإخلاص، وتزينه الشفافية، ويضبطه الحياء والعفة ويستره الرضا والقناعة.
فمن لي بأمثالهم ليصيروا بعد الثريا أنجم؟!
منقول