آخر الأخبار
موضوعات

الأحد، 4 ديسمبر 2016

- الحب الحقيقى لرسول الله

عدد المشاهدات:
ما الذي طلبه منا الله عز وجلَّ نحو حبيبه ومصطفاه صلَّى الله عليه وسلَّم؟
-----------------------
طلب منا الله سبحانه وتعالى لصلاح أحوالنا ظاهراً وباطناً، وحلِّ كل مشكلاتنا، ونعيش في الدنيا في أمانٍ واطمئنان وخيرٍ وبركات، ونكون في الآخرة في أعلى الدرجات مع الحبيب المصطفى في الجنات - أن يكون هذا النبيُّ أغلى في قلوبنا، وأعلى في درجة حبنا من أنفسنا وآبائنا وأمهاتنا وأموالنا وأولادنا وكل شيء لنا، وبيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلَّم هذه الحقيقة لصحبه الكرام، لأنه كان صلى الله عليه وسلَّم ناصحاً لهم على الدوام، فقال صلى الله عليه وسلَّم في حديثة الصحيح: (والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله ونفسه وولده والناس أجمعين)[1].
ولا يؤمن مؤمن: أى لا يكون تام الإيمان، ولا يكون قد وصل إلى ما ينبغي أن يكون عليه أحوال أهل الإيمان؛ من الخشوع بين يدي الله في الصلاة، ومن الحضور مع الله جلَّ وعلا عند ذكره في أى وقتٍ وحين، ومن مراقبة الله عزَّ وجلَّ وخشيته في السرِّ والعلن والظاهر والباطن، بأن يكون قلب المرء دائماً معلَّقاً بمولاه، ولا يتكِّل إلا عليه، ولا يتوجه إلا إليه، ولا يخشى إلا من سخطه وغضبه عليه - عزَّ وجلَّ.
فإذا أراد المرء أن يكون على حقيقة هذا الإيمان فلابد أن يجاهد نفسه في أن يكون حبُّ النبي العدنان صلى الله عليه وسلَّم أعلى في قلبه من كل ما ذكرناه. قال له سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله، إني لأحبُّك أكثر من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبي، فقال صلى الله عليه وسلَّم: (لم يتم إيمانك بعد يا عمر). فذهب ثم عاد وقال: والله يا رسول الله، لأنت أحب َّمن كل شيء حتى نفسي التي بين جنبي. قال: (الآن يا عمر، الآن يا عمر، الآن يا عمر)[2].
وهذا الحب يعني: أن يكون ما جاء به من شرع الله، وما بيَّنه لنا من سنته صلوات ربي وتسيماته عليه، أحبَّ إلينا مما تدعونا إليه نفوسنا، وتحركه نحوه أهواءُنا، أو تفكر فيه عقولنا، لأن الله عزَّ وجلَّ قال لنا أجمعين في شأنه: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) (65النساء).
إذا وصلنا إلى هذا الحال وكان العمل بشرع الله والمشي على سنة حبيب الله ومصطفاه أحبَّ إلينا من أهوائنا وآرائنا وفكر عقولنا وكل شيئٍ يرقونا في الدنيا فوراً إنصلحت أحوالنا كأفراد وكأسر وككجماعات، قال صلى الله عليه وسلَّم: (تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي)[3].
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم الأولون تمسكوا بهذا المنهاج، وساروا على هذه المحبة، فكان صلى الله عليه وسلَّم أحبَّ إليهم من كل شيء. ما الذي جعل عليٍّ بن أبي طالب وهو فتى صغيرٌ في السن لم يتجاوز الخمسة عشرة سنة ينام في فراش النبي؟!!، وهو يعلم علم اليقين أن القوم بالخارج، ومعهم سيوفهم، وسيدخلون في جوف الليل عليه ويقضون عليه بضربةٍ واحدة!!. لكن حب النبي جعله يفدي النبي بنفسه. أما حب الصدِّيق فلم يستطيع أىُّ إنسانٍ أن يُعبِّر عن مبلغ حبه لرسول الله صلوات ربي وتسليماته عليه،
والأصحاب نساءٌ ورجالٌ!!. إمرأةٌ من الأنصار في غزوة أُحد استشهد زوجها، واستشهد إبنها، واستشهد أبوها، وخرجت تتحسَّس الأخبار، فقيل لها: مات زوجك، فقالت: وماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟، قالوا: هو بخير، ثم مشت فقيل لها: مات إبنك، قالت: وماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟، قالوا: بخير، ثم مشت فقالوا: مات أبوكِ، قالت: وماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟، قالوا: بخير، قالت: أرونيه، فأوقفوها على صخرة لترى النبي صلى الله عليه وسلَّم عند مروره عليها - وكان الكفار قد أشاعوا أنهم قتلوا النبي صلى الله عليه وسلَّم - فلما رأته قالوا لها: هذا هو النبي، فأمسكت بثيابه وقالت: (كل مصيبة بعدك جلل)[4] ـ أي صغيرة.
ما هذا الحب؟!!، هو الحب الذي تحتاجه الأمة ليكشف الله عزَّ وجلَّ عنا هذه الغُمَّة، الأمة أصبحت تعشق الدينار والجنيه والدولار أكثر مما جاء به النبي المختار، والرجل منهم يسلم كل أموره لزوجه لتتحكم فيه، ويرفض أن يطيع خالقه وباريه، يُرضي زوجته ويُغضب خالقه عزَّ وجلَّ. الرجل يسعى يميناً وشمالاً من أجل مناصب فانية، ولا يسعى لذكر الله ولطاعة الله من أجل درجاتٍ رفيعةٍ باقية.
هذا حال أصحاب رسول الله، وهذا حالنا اليوم وهذا سر ما نحن فيه!!.
كانوا يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لأنهم رأوا فيه المثال الأكمل الذي ينبغي أن يكونوا عليه لينالوا رضاء الله: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله) (31آل عمران). فكان حب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم عندهم ليس أقوالاً وليس شعراً، لا نثراً ولا غناءً فقط، ولكن عملاً بشريعته، واقتداءً بهديه وسنته، فدانت لهم الأرض كلها لأن الله وعدهم بذلك: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الارْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) (55النور).
نحن في أمَّسَّ الحاجة في هذا الوقت إلى حب رسول الله الذي ذكرناه، وإلى الحب فيما بيننا في الله، وأن نحذف كلمة البُغض والكُره من قاموس تعاملاتنا معشر المسلمين، وأن نخلع الأحقاد والأحساد من نفوسنا لأنها لا تليق بالمؤمنين، لأن الله يقول فينا: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) (47الحجر). إذا فعلنا ذلك نظر الله إلينا نظرة رضا فيُغيَّر حالنا إلى أحسن حال.
نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يفقهنا في ديننا، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يرزقنا الحب الصادق لنبيِّنا، والتأسي بحضرته، والعمل بشريعته، وأن يرزقنا الحب في بعضنا، وأن ينزع الأحقاد والأحساد والبغضاء والكراهية من نفوسنا، وأن يجعلنا إخوةً متحابين ومتآلفين متباذلين متعاونين، وأن ينشر في هذا المجتمع الإسلامي الذي نحن فيه هذه الروح الإيمانية القرآنية التي جاء بها سيد الأولين والآخرين.      
وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم

الموقع الرسمى لفضيلة الشيخ فوزى محمد ابوزيد
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير