آخر الأخبار
موضوعات

الأربعاء، 7 ديسمبر 2016

- كيف تصح الأخوة في الله ؟

عدد المشاهدات:
بم تصح الأخوة في الله :
لا تصح الأخوة في الله عز وجل إلا بما شرط فيها من الرحمة في الأجتماع , والخلطة عند الأفتراق بظهور النصيحة , واجتناب الغيبة وتمام الوفاء , ووجود الأنس وفقد الجفاء , وارتفاع الوحشة , ووجود الأنبساط , وزوال الأحتشام . وقال عليه الصلاة والسلام : " أحب اإخوان إلي الله عز وجل أرفقهما بصاحبه " , وقال ابن عباس في وصيته لمجاهد : لا تذكر أخاك إذا تغيب عنك إلا بمثل ما تحب أن تذكر به إذا غبت , وأعفه بما تحب أن تعفى به , وقال آخر : ما ذكر أخ لى في غيبته إلا تصورت نفسى في صورته , فقلت فيه ما أحب أن يقال في , فهذا حقيقة في صدق الإسلام , لا يكون مسلما حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه .

وعن بعض الحكماء : من جعل نفسه فوق قدره عند الإخوان أثم وأثموا ومن جعل نفسه في قدره تعب وأتعبهم , ومن جعلها دون قدره سلم وسلموا .

وفي الأخبار : اثنان عزيزان ولا يزدادان إلا عزة , درهم حلال , وأخ تسكن إليه .

وقد كان أبو الدرداء يقول : إذا تغير أخوك رحاله عما كان فلا تدعه لأجل ذلك , فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم اخرى . وفي حديث عمر وقد سأل عن أخ كان قد آخاه , فخرج إلى الشام , فسأل عنه بعض من قدم عليه فقال : ذلك اخو الشيطان , قال : مه , قال إنه قارف الكبائر حتى وقع في الخمر , فقال : إذا أردت الخروج فأخبرنى , قال فكتب إليه : " بسم الله الرحمن الرحيم , حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب " الآية , ثم عاتبه تحت ذلك وعذله , فلما قرأ الكتاب قال : صدق الله ونصح لى عمر , قال : فتاب ورجع .

وكان الحسن وأبو قلابة يقولان : إخواننا أحب الينا من أهلينا واولادنا , لأن أهلينا يذكرونا الدنيا , والإخوان يذكرونا الآخرة .

*وقال عليه الصلاة والسلام : " مازا ر رجل أخاه في الله عز وجل شوقاً إلأيه ورغبة في لقائه , إلا ناداه ملك من خلفه : طبت وطابت لك الجنة " , وعن عطاء كان يقول: تفقدوا إخوانكم بعد ثلاث , فإن كانوا مرضى فعودوهم , وإن كانوا مشاغيل فأعينوهم , وإن كانوا نسوا فذكروهم و وقال الحنف بن قيس : ثلاث خلال تجلب بهن المحبة , الأنصاف في المعاشرة , والمواساة في الشدة , والأنطواء على المودة . فأول ما تصح المحبة في الله أن لا يكون لضد ذلك من صحبة لأجل معصيته , ولا على حظ من دنياه , ولا لسبب موافقته على هواه , ولا لأجل ارتفاقه اليوم لمنافعه ومصالحه في أحواله ولا يكون ذلك مكافأة على إحسان أحسن به إليه , ولا لنعمة ويد يجزيه عليها , فهذه ليس فيها

طريق إلى الله تعالى ولا للآخرة , لأنها طرقات الدنيا ولأسباب الهوى , فإذا سلم من هذه المعانى فهذا أول المحبة لله تعالى . ولا يقدح في الإخوة لله تبارك وتعالى أن يحبه لحسن خلقه , وفضل أدبه , وحسن حلمه , وكمال عقله , وكثرة احتماله وصبره , أو لوجود الأنس به , وارتفاع الوحشة منه , وإنما يخرجه عن حقيقة الحب في الله أن يحبه لما يكون دخلا في الدين , ووليجة في طرائق المؤمنين , ولما أنفصل عنه ولم يكن متصلاً به مثل الأنعام والأفضال ووجود الإرتفاق , فهذا الحب لا يمنع القلب وجده لما جبل الطبع عليه , ولبغض من كان بضده ممن أساء اليه . وحقيقة الحب في الله عز وجل أن لا يحسده على دين ولا دنيا , كما لا يحسد نفسه عليهما , وأن يؤثره بالدين والدنيا إذا كان محتاجا إليهما كنفسه , وهذان شرطا الحب في الله عز وجل اللذين ذكرهما الله تعالى في قوله : " يحبون من هاجر إليهم ".

* ثم وصف محبتهم إذا يصف حقاً ويمدح محقاً فقال تعالى : " ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا " , يعنى من دين ودنيا , ثم قال تعالى في الشرط الثانى : " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " , ولا تصح مؤخاة مبتدع في الله تعالى ولا محبة فاسق يصحب على فسوقه , ولا محبة فقير أحب غنياً لآجل دنياه , ولا ما يناله من عاجل مناه , وليس الإخاء كف الأذى لأن هذا واجب الإخاء الصبر على الأذى .

وكانت طائفة من الصوفية لا يصطحبون إلا على استواء أربع معان , لا يترجح بعضها , ولا يكون فيها اعتراض من وهى :

إن أكل أحدهم النهار كله لم يقل له صاحبه صم .
وإن صلى الليل أجمع لم يقل له أحد نم بعضه .
وتستوى حالاته عنده فلا مزيد لأجل صيامه وقيامه , ولا نقصان لأجل إفطاره ونومه , فإذا كان عنده يزيد بالعمل وينقص بترك العمل فالفرقة أسلم للدين .
وقد كان الأخوان يتهافتون على العلوم والأعمال وعلى التلاوة والأذكار .

وبهذه المعانى تحسن الصحبة وتحق المحبة , وكانوا يجدون من المزيد من ذلك والنفع به في العاجل والآجل مالا يجدونه في التخلى والأنفراد , من تحسين الأخلاق , وتلقيح العقول , ومذاكرة العلوم , وهذا لا يصح إلا لأهله , وهم أهل سلامة الصدور , والرضا بالميسور مع وجود الرحمة , وفقد الحسد ووجد التناصر , وعدم التظاهر , وسقوط التكلف ودوام التآلف , وقد ضم الله عز وجل الصديق إلى الأهل ووصله بهم , ثم رفع الأخ وقدمه على الصديق وهو قوله عز وجل : " أو ما ملكتم مفاتحه " .

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير