عدد المشاهدات:
الحمد لله رب العالمين، يلهم القلوب بالعمل المطلوب، والخير المرغوب ، الذي فيه رضاء علام الغيوب .
والصلاة والسلام على الحبيب المحبوب ، والكنز الموهوب من لدن علام الغيوب ؛ لكل عبد تخلَّص من العيوب ، ووفّى بالمطلوب ، سيدنا محمد حبيب القلوب ، وآله وصحبه أجمعين .
وبعد ،.....
استنبط أهل التحقيق ، والعلمـاء العاملون من أهل الطريق ، علامات ودلالات على صحة أحوال أهل الطريق ، إذا رآها السالك في نفسه ، أو العارف في وصله ، علمَ صحَّة قصده، وصدق سعيه ، وجميل صنعه ؛ فيما يتقرب به إلى ربه ، فتثبت قدمه على الطريق ، ويستبشر بفضل الله ورحمته ، وتزول بالكلية حيرته ؛ والحيرة هي أخطر عقبة تواجه المريد السالك ، والمنتهي الواصل.
والحيرة حالة تنتاب العبد؛ تجعله شديد الاضطراب والقلق لما ينتابه من خواطر ، ويعتوره من هواجس :
فتارة تغلب عليه الخواطر الرحمانية ؛فيفرح وينبسط بفضل الله وجوده وإكرامه.
وآونة تغلب عليه الهواجس النفسانية ؛ فينقبض ، وتجتمع عليه الهموم ، وتسيطر عليه الأحزان والغموم ؛ لظنه أنه زلَّ عن الطريق ، أو ضلَّ السبيل ، أو أخطأ فعوقب ، أو هفا فعوتب .
والمخرج من ذلك كله :
أن يزن الإنسان نفسه ، ويقيس أحواله بالموازين القرآنية والأحوال السنية ، الواردة في كتاب الله ، والمبثوثة في سُنَّة رسول الله ، والظاهرة في أحواله المفردة ، والمتواترة في أحوال أصحابه الكرام ، ومن تبعهم في ذلك من أئمة السلف ، وخيار الخلف.
وقد ذكرنا هذه العلامات ، وأشرنا إلى هذه الدلالات بإيجاز ؛ لأن السالك في هذه الأحوال لا يحتاج إلى بسط وإطناب ، وإنما يكفيه لحصول المقصود الإشارات ، والتلويحات.
وقد سميناها :
(( علامات التوفيق لأهل التحقيق ))
لأنه لا يحتاج إليها إلا السالك المتحقق ، ولا يشعر بها إلا من يعاني ..!..أو يعاين هذه الأحوال...!...فالأمر كما قال القائل :
لا يعرف الشــوق إلا من يكابــده
ولا الصَّبَــابة إلا من يُعَانيــها
أسأل الله أن يشمل بعنايته ووده ورحمته من كتبها ، وراجعها ، ومن نسّقها ، وخرَّج أحاديثها ، وكذلك من طبعها ونشرها ، أو ساهم في أي عمل في إخراجها.
كما أسأل عزَّ شأنه ، أن ينفع بها من قرأها ، ويرزقه العمل بها ، ويفيض عليه من فوائدها وعلومها وأسرارها ؛ ما يجعله إماما للمتقين ، ونبراساً للواصلين.
وصلى الله على سيدنا محمد حجة الذاكرين، وقدوة الواصلين وآله وصحبه أجمعين.
في صباح يوم الجمعة : 17من جمادى الأولى 1426هـ ،
الموافق : 24من يونيه 2005م.
فـوزي محمد أبو زيد
الجميزة ـ غربيـة