آخر الأخبار
موضوعات

الأحد، 8 يناير 2017

- الشعبة الرابعة عشر: حقوق الأزواج على بعضهم.

عدد المشاهدات:
الشعبة الرابعة عشر: حقوق الأزواج على بعضهم.
فالمرأة لها حقوق على زوجها. وهو المهر والنفقة. والسكن والكسوة. والمتعة الجنسية. وحسن المعاشرة وكريم المعاملة.
أما حقهن في المهر فقد قال تعالى: ﴿وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾. [4، النساء]. يعنى أعطوهن مهورهن حقا لهن خالصا بدون مقابل مادى. لأن المرأة تعطى نفسها وحياتها لزوجها يتمتع بها. والمهر مهما عظم فإنه لا يفي بشئ من ذلك. ومعنى نحلة أيضاً منحة طيبة بها نفوسكم. كما أنهن يعطونكم أجسامهن ونفوسهن عن رضا وسرور.
وأما وجوب النفقة فلقوله جل شأنه: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾. [7، الطلاق]. وهذا غاية الفضل من الله. فقد أمر الأزواج بالنفقة على زوجاتهم كل على حسبه. فالغني ينفق من وسعته وغناه بما يناسب وضعه حسب المعروف بين الناس. وأهل الأرزاق البسيطة ينفقون على قدر ما رزقهم الله. وفي هذا البيان الشريف أمر للزوجات بالرضى والقناعة بحالة أزواجهن من ثراء أو إقلال. وإن من يرضى منهن بما يسره الله عزَّ وجلَّ. فإن الله سيكرمهن ويجعل بعد عسر يسرا.
أما السكن فقد قال الله تعالى: ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ﴾. [6، الطلاق ]. يعنى أسكنوهن في السكن الذي تسكنون فيه. أو سكناً مثل مسكنكم إن لم يقمن معكم. ومن وجدكم يعنى من طاقتكم ووسعتكم.
أما المتعة الجنسية فهى حق مشترك بين الرجل والمرأة.
قال تعالى:﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾. [222، البقرة]. أمر الله الرجال بإتيان النساء. يعنى مباشرة العملية الجنسية معهن فإنه حق المرأة. وأن يكون هذا العمل حسب تعاليم الله وأوامره وذلك بأن يكون هذا الإتيان بعد المباسطة والمؤانسة. وأن يكون في قبل المرأة. وأن يكون بعد طهرها من الحيض أو النفاس وأن لا تكون المرأة صائمة فرضاً أو نذراً أو كفارة. وأن لا تكون محرمة بحج أو عمرة، وأن تكون قادرة على الوطء فلا تكون مريضة أو صغيرة لا تقدر عليه، وأن لا تكون مكرهة على ذلك بحيث يقهرها وليها على الزواج ممن تكرهه. قال تعالى:﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. [33، النور]. كل هذه الأمور تقع تحت قوله تعالى:
                                         ﴿ ﴾.
                                      
وأما حسن المعاشرة وكريم المعاملة فقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾. [19، النساء]. والمعروف هو ما تعارف عليه أهل العقل والحكمة، وأهل الدين والملة، من الصبر والحلم، والرحمة واللين، والإحسان والود والحب. قال صلى الله عليه وسلم:{استوصوا بالنساء خيراً فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله}.[1]
والمعروف كذلك ما عرفه لنا الشارع الحكيم من حسن الخلق معهن، والتواضع لهن، وإرضاءهن وإحسان الظن بهن ومداراة عيوبهن، والتلطف لهن في القول، وعدم تكليفهن بما لا يستطعن، وعدم أخذ شيء من أموالهن إلا برضاءهن وغير ذلك من الآداب المذكورة في كتب الفقه الإسلامى.
وأما حق الرجل على المرأة فهو حبها له، وطاعة أمره واحترامه، وحفظ ماله، ورعاية أولاده. والمحافظة على عرضها وعفتها في غيابه، وحفظ سره والوفاء بعهده، وخفض صوتها وجناحها بين يديه، والرضا في حالة اليسر والصبر في حالة العسر، ومعاونته على شئونه الدنيوية، والتعاون معه في أمر الدين، وأن لا تريه من نفسها شيئا يكرهه. ويشير إلى كل تلك المعانى قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾.[34، النساء]. وقانتات يعنى طائعات لأزواجهن برضاء وحب، وقول النبى صلى الله عليه وسلم:{ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله شيئاً خيراً له من إمرأة صالحة إذا نظر إليه سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله}.[2]
وحق الرجل على زوجته عظيم جداً لا تقدر الزوجة على القيام به إلا بمعونة من الله وتوفيق منه سبحانه. فقد قال صلى الله عليه وسلم: {لو كان أحد يسجد لأحد غير الله لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها}.[3]
وهكذا نجد الإسلام يضع المبادئ التى تكفل حياة سعيدة للرجل وزوجته في إطار من التراحم والتفاهم، والتعاون المثمر البناء، لدرجة أن كلا منهما لباساً وستراً ووقاية لصاحبه. قال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾.[187، البقرة]. واللباس هو ما يحفظ الإنسان من الحر والبرد، ويستر عورته عن الناس، ويحفظ عليه كرامته ووقاره، ويزينه ويجمله في نظر الناس، والإنسان العريان يعرض نفسه لغضب الله وعذابه فضلاً عن ما يصيبه من الضر والأذى. قال صلى الله عليه وسلم:{من تزوج فقد حفظ نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر}.[4] والمعنى أن الرجل المتزوج قد حفظ نفسه بالزواج، والرجل المسلم يمثل نصف الإسلام، والمرأة تمثل النصف الآخر، فإذا تزوج فقد حفظ نصف الدين وهو نفسه، وعليه أن يتقى الله في النصف الآخر وهو المرأة، فيعاملها بما يرضى الله ورسوله والمؤمنين، وكذلك المرأة المتزوجة قد حفظت نفسها بالزواج وهى نصف الإسلام، فيجب عليها أن تتقى الله في النصف الآخر وهو زوجها، فتعامله وتعاشره بالحسنى وترضي الله ورسوله وترضيه.

شعب الايمان لفضيلة الشيخ محمد على سلامة

[1] متفق عليه من حديث أبي هريرة.
[2] الطبراني وابن عساكر عن أبي أمامة.
[3] ابن حبان عن أبي هريرة.
[4] رواه الحاكم والبيهقي عن أنس.
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير