آخر الأخبار
موضوعات

الأحد، 8 يناير 2017

- التربية عند الغزالى

عدد المشاهدات:
ترك الإمام أبو حامد محمد الغزالي ثروة علمية روحية دينية تتجاوز السبعين كتابًا في الفقه والمناظرة، والدفاع عن الإسلام، والرد على الفلاسفة. ويعتبر كتابه «إحياء علوم الدين» مرجعًا لكل باحث في التراث والثقافة على مر العصور. هنا نخبة من آرائه في التعلم والتربية.
يرى الغزالي أن التعليم أشرف المهن والصنائع، كما أنه من أنبل الرسائل التي يقوم بها الإنسان، مستشهدًا على ذلك بقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت معلمًا».
وضع الإمام الغزالي نظامًا تربويًا شاملًا وحدد هدفه التربوي وفقًا لفلسفته ونظرته للحياة، كما وضع المنهج المناسب لهدفه وغرضه من التربية، فصنف العلوم وقسمها وأعطى قيمتها وبيّن فائدتها للمتعلم، ثم رتبها ونظمها بحسب أهميتها وفائدتها، وفصل المبادئ التي يسير وفقها المعلم.
كما اهتم ببيان الطريقة السليمة للتربية الدينية وتهذيب الأخلاق وتطهير النفوس، كما كان للإمام الغزالي آراء في تربية الأطفال يمكن إيجازها في الجوانب الرئيسة التالية:

الغرض من التربية
يرى الإمام الغزالي أن الغرض الأسمى للتربية هو التقرب إلى الله بالعلم والمعرفة، فيكون طلب العلم، باعتباره وسيلة للمعرفة التي تهدف إلى تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة، ولا يتمكن الإنسان من التوصل إلى هذه السعادة إلا بالعلم والعمل: فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم، وهو أفضل الأعمال، فالتربية الإسلامية، كما يرى الإمام الغزالي، تجمع بين الدين والدنيا، فهي إخراج الأخلاق السيئة من النفوس والسلوك، فالتربية عنده تبدأ بالأسرة، إذ إن «الطفل أمانة في عنق والديه، وعلى يديهما تتشكل شخصيته، فعلى الوالد أن يؤدب ابنه ويهذبه ويتعهده بالرعاية والتعليم، ويعلمه آداب العيش والسلوك القويم، وحسن معاملة الناس، وينشئه تنشئة خشنة وغير مدللة».
ويلتقي الإمام الغزالي مع علماء التربية المحدثين في ضرورة الاهتمام بالطفل في مراحله الأولى، فقد أصبح من الأمور البديهية والمسلم بها الآن لدى خبراء التربية أن التعلم في مرحلة الطفولة المبكرة، ذو أثر عميق في نمو طاقات الفرد وفي تهيئة مداركه لمزيد من التعلم في مقبل حياته، وإذا كنا لا نذهب إلى ما وصل إليه بعض علماء التحليل النفسي، من مبالغة مفرطة في تأثير عوامل النمو في السنوات الخمس الأولى، من حياة الطفل، على تكوين شخصيته واتجاهاته في المستقبل، فإننا لا يمكن أن نقلل في الوقت نفسه من الأهمية البالغة لعوامل التنشئة الأولى في تكوين القيم والاتجاهات والعادات.

طبيعة التعلم 
يبني الإمام الغزالي آراءه التربوية على نظرته إلى النفس الإنسانية وغرائز الإنسان وطبيعته. فالطفل في رأيه، أمانه عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة خالية من كل نقش، فهو قابل لكل ما ينقش عليه، كالصفحة البيضاء، وهو تبعًا لهذا، يتقبل الخير والشر على حد سواء، وعملية التعليم هي التي توجه غرائز الطفل، إذ لا يجوز معالجة الغرائز بالقهر، فالرياضة والمجاهدة والتعليم هي أنجح الأساليب لتحقيق ذلك.
ويركز الغزالي على ضرورة متابعة الصبي ومراقبته، حتى بعد أن يشب عن طوق الطفولة المبكرة إلى مرحلة التمييز، فإن كان يميز بين الخير والشر بطبعه فهذا دليل على اعتداله الخلقي، ومبشر بكمال عقله عند البلوغ، وإن بدت عليه بوادر الاستحياء والاحتشام فلا يكتفي بوجود هذه المشاعر لديه، ولكن هذا أدعى إلى استغلال ذلك واستثماره بما يساعد في تربيته تربية حسنة، بتزكية وتنمية هذه المشاعر فيه، لأن ذلك دليل الإيمان، والحياء شعبة من شعب الإيمان، والإيمان كما هو معلوم يزيد وينقص، فينبغي العمل على زيادته بكل السبل الممكنة، لأنه دليل التربية الصادقة الصالحة.

الفروق الفردية 
يرى الإمام الغزالي أنه ينبغي مراعاة استعدادات المتعلمين وقدراتهم العقلية والجسمية، فلا يجوز أن يُلقي المعلم إلى المتعلم من العلم ما لا يتحمله عقله لئلا ينفره من العلم، بل يقتصر في ذلك على قدر فهم المتعلم، ويرى أن يكون المعلم على خبرة تامة بأدوار النمو العقلي للطفل حتى يتماشى مع درجات الاستعداد العقلي لكل طفل أو متعلم.

الثواب والعقاب 
أدرك الإمام الغزالي أهمية الزجر غير المباشر للمتعلم، لأن التصريح بالعقاب أو التعريض بالمتعلم يميل بنفسه نحو الإصرار على الخطأ، ويورث لديه الجرأة غير المؤدبة وينصح الغزالي بمدح المتعلم وتكريمه على ما يقوم به من أفعال حسنه، بل يشجع ذلك أمام الآخرين، بينما يرى أن من المستحسن أن يبتعد المربي عن زجر المتعلم عن فعل مذموم أمام الآخرين.
كما يرى أن الصبي إذا أخطأ مرة، فخالف بذلك الأخلاق الحميدة والأعمال الصالحة، يجب التغافل عن هذا الخطأ وعدم إظهاره له، خصوصًا إذا شعر به وحاول إخفاءه، لأن معنى هذا أنه شعر بخطئه ورغب ألا يطلع عليه الناس، فإذا تكرر ذلك الخطأ منه مرة أخرى، فينبغي أن يعاقب عليه سرًا، ويشدد عليه ألا يعود إليه مرة أخرى، لأن عقابه أمام الناس يهون عليه سماع الملامة، ويسقط هيبة المؤدب والمربي من قلبه، كما يجب ألا يكثر الأب أو المربي في العقاب واللوم، ولذا يجب على الأم أن تخوفه بالأب وتزجره عن القبائح.

التربية الرياضية 
أولى الإمام الغزالي التربية الرياضية اهتمامًا خاصًا، لما لها من أثر في تقوية الجسم، وفي تنشيط ذهن المتعلم وحيويته، فإن المشي والحركة والرياضة للطفل تجنبه الكسل، والإرهاق في التعلم.
واهتم الغزالي بموضوع اللعب بالنسبة للصغار، إذ اعتبر أن للعب ثلاث فوائد هي ترويض الجسم وتنمية العضلات وتقويتها، ثم الوظيفة الثانية إدخال السرور في قلب الصغار، أما الوظيفة الثالثة فهي راحة الطفل من تعب الدروس.
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير