عدد المشاهدات:
الشعبة الثالثة عشر: رعاية
اليتيم والمحافظة على ماله.
قال الله تعالى:﴿وَآتُواْ الْيَتَامَى
أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ
أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾.
[2، النساء].واليتيم هوالذي
فقد أباه بموت أو بغيبة كبيرة ـ بحيث يحل لأمرأته أن تتزوج غيره ـ ولا يعرف عنه
شيء، ويلحق به أبن المجنون الذي لا يفيق وابن السفيه الذي لا يحسن التصرف، فإنه
يجب التحفظ على أموال هؤلاء جميعا، ويكلف إنسان بأمرهم والنظر في أمرهم. فإن
اليتيم الذي مات أبوه والابن الذي فقد أباه بالغياب الطويل، وابن المجنون الذي لا
يفيق من جنونه، وابن السفيه الذي لا يحسن التصرف ... كل هؤلاء الأبناء يأخذون حكم
اليتيم فيقوم الوصي عليهم بالعمل في مالهم، وتدبيره على أحسن وجوه التدبير كما لو
كان ماله وأكثر، لأنه لا يأمن الموت، ولا يأمن تغير الأحوال، فربما يصبح ولده بعد
قليل مثل هؤلاء الذي يرعاهم الآن.
وإذا كان الوصى أو القيم فقيراً، وقد انشغل بالعمل في مال
اليتيم عن تحصيل قوته، فله في هذا المال أجر المثل، ومعنى ذلك أنه لو كان يعمل عند
أحد الناس كم يأخذ من الأجر في اليوم أو الشهر مثلا؟ فيكون أجره كذلك. قال تعالى:﴿وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ
فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ
تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا
فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا
دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ
حَسِيبًا﴾.[6، النساء].
والعمل في مال هؤلاء إنما يكون بتنميته لهم واستثماره لهم
والإنفاق عليهم منه بحكمة واعتدال. لا سرف ولا تقتير وكا بين ذلك قواماً. كما لو
كان الوالد موجوداً أو سليماً ويقوم بتدبير أمر هؤلاء. حتى يشعر أولئك الضعفاء
بالحماية والرعاية والرحمة إلى أن يشبوا ويكبروا ويقدروا على القيام بأمورهم. وبعد
البلوغ يعلموا أن الإسلام أب لمن لا أب له. وأم لمن لا أم له. وراع لمن لا راعي
له. فيتعهدوه بالحب والولاء والإخلاص كما كان لهم في صغرهم فيحمدون الله عزَّ وجلَّ ويشكرون
رسوله صلى الله عليه وسلم ويكافئون بالمعروف والإحسان من أقامه الإسلام
لهم بدل آباءهم، ولا يتبرمون بالمجتمع الذي أعطاهم كل الحنان والعطف، فيقدمون إليه
الخير ويردون إليه الجميل، فإن من مسح على رأس اليتيم شفقة عليه كان له بكل شعرة
مستها يده حسنة. ﴿وَآتُواْ الْيَتَامَى
أَمْوَالَهُمْ ﴾. [ 2، النساء]. غاية
الترفع والإبتعاد عن المساس بمال اليتيم. حتى إنه لا يجوز للقيم أن يستبدل شيئا من
مال اليتيم إلا إذا كان بأحسن وأجود منه. ﴿ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ
بِالطَّيِّبِ ﴾. [2، النساء]. يعنى ولا
تخلطوا مال اليتيم بمالكم. فيضيع في غمار هذا الخلط ولا يتميز ماله عن مالكم ولا
نعرف كم ربح ماله ولا كم أنفق عليه منه. ولا كم بقى له منه. فإن هذا الخلط محرم
ولا يجوز أبداً. ولذلك قال الله:﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ
إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾.
[ 2، النساء]. يعنى تبديل الجيد بالردئ من مال اليتيم. أو خلط مال اليتيم
بمال الوصى: أثم كبير. وجرم فظيع. ووزر جسيم لا يفعله مؤمن أبداً يرجو لقاء الله
ويخاف يوم الحساب.
شعب الايمان
لفضيلة الشيخ محمد على سلامة