أمل المذنبين في عفو ومحبة رب العالمين
من حوار الاستاذ / سمير شهاب مذيع قناة القاهرة الثالثة
مع فضيلة الشيخ /
فوزي محمد أبو زيد
المذيع:
فضيلة الشيخ فوزي محمد أبو زيد في موضوع محبة الله تبارك وتعالى:
ما هي محبة الله؟ وهل يتنافى الحب مع أن يقع الإنسان في الخطأ إذا كان الإنسان جُبل على الخطأ أصلاً؟
وكيف نُحقق محبه الله تبارك وتعالى سلوكاً في حياتنا بإذن الله تعالى؟
فضيلة الشيخ:
محبة الله سبحانه وتعالى ورضاه عن العبد وتوفيقه له فيما يطلبه منه، أن يرضى الله عن الإنسان فيوفقه لما طلبه منه في القرآن، وفي حُسن المتابعة للنبي العدنان صلى الله عليه وسلَّم.
والإنسان لأنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلَّم:
(كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون).
فالإنسان المؤمن لا يسلم من الخطأ، ولكن للمؤمن بصفة خاصة لا يدبر خطئاً قبل وقوعه، فلا يضع خُطة لفعل معصية، ولا يُفكِّر زمناً لعمل مخالفة، وإنما يقع فيها فجأة تسولها له نفسه في لحظة، أو يضحك عليه رفقاء السوء في بُرهة، وفوراً يشعر بالخطأ والندم على ما فعل فيرجع إلى الله عز وجل تائباً، فيتوب الله سبحانه وتعالى عليه، لأنه رجع إلى الله فوراُ من هذا الذنب.
فلا يؤجل التوبة إلى يومٍ أو أيامٍ أو إلى ميعادٍ آخر، وإنما يسارع إلى التوبة بعد الوقوع في الذنب مباشرةً.
وعلامة رضا الله عن العبد ومحبته له أن يوفقه لما يُحبه ويرضاه من الطاعات، فتجده يسارع إلى الطاعات، ويُحفظ بحفظ الله من المعاصي ومن المخالفات، ويضع الله تعالى له القبول في قلوب خلقه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم:
(إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إني أُحبُ فلان، فيُحبه جبريل، ويُحبه أهل السماء، ويُوضع له القبول في أهل الأرض).
فتجد الناس يُحبون هذا الإنسان للمحبة التي أضفاها عليه الرحمن سبحانه وتعالى.
ودليل محبة الله عز وجل للعبد وأمارتها:
أن تجد العبد دائماً وأبداً مُوفقاً إلى عمل البر وعمل الخير، فيُوفق للصُلح بين المسلمين، ويُوفق لأعمال البر للفقراء والمساكين، ويُوفق لصلة ذوي الأرحام، ويُوفق لطلب العلم، لأن طلب العلم يُحبه الله سبحانه وتعالى، ويُوفق للعمل بما علم، ويكون معه التوفيق دائماً في كل أحواله، لأن الله عز وجل شمله برعايته وعنايته.
المذيع: سيدنا الشيخ الأقوال التي نسمعها عن حضرتك بأن بعض الصالحين يقول:
[رُبَّ معصيةٍ أورثت ذُلاً وانكساراً، خيرٌ من طاعةٍ أورثت عزِّاً واستكباراً].
كيف يتحقق الذل بالمعصية وهي في الأصل معصية؟ وكيف يتحقق فيها المحبة أيضاً؟
فضيلة الشيخ:
أخطر آفة تُصيب الإنسان الطائع إلى الله أن يغترَّ بعمله، وأن يظن أنه خيرٌ من غيره بعمله، في حين أنه لم يطمئن تماماً إلى قبول هذا العمل، فنحن نعمل ونكون من العمل على وجل هل سيقبله الله أم يردُّه؟
أما الذي اغترَّ فهذا مشى على خُطى إبليس اللعين عندما قال: أنا خيرٌ منه، خلقتني من نار وخلقته من طين.
فالاغترار آفةٌ من الآفات التي تمنع قبول العمل، ودليلٌ على انتكاس هذا الإنسان في تعامله مع الله سبحانه وتعالى.
أما الذنب فيجعل الإنسان منكسراً أمام مولاه، فيشعر أمام مولاه بالخجل، ويشعر بالندم ويشعر بالأسف.
المذيع: وهل الإنكسار باب القبول؟
فضيلة الشيخ:
نعم قال الله تعالى لموسى عليه السلام، عندما قال له: أين أجدك يا رب؟
(قال: تجدني عند المنكسرة قلوبهم من أجلي).
وقال سبحانه وتعالى لداود عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام:
(أنين المذنبين أحبُّ إليَّ من زجل المسبحين).
لأن المذنب يضرع إلى الله وهو يشعر بالافتقار وبالحاجة الماسة إلى رضا الله، وهذا ما يرجوه الله سبحانه وتعالى من عبده المؤمن على الدوام.
المذيع: وما أثر هذه المحبة.
فضيلة الشيخ:
هذه المحبة لله سبحانه وتعالى تجعل الإنسان في دنياه يمشي على حفظ الله وتوفيق الله ورعاية الله وصيانة الله وإكرام الله في كل أحواله.
وتجعله في الآخرة مع الأحبة محمد صلى الله عليه وسلَّم وحزبه:
[غداً ألقى الأحبة محمداً وحزبه].
لقوله صلى الله عليه وسلَّم:
(يُحشر المرء مع من أحبَّ يوم القيامة).
فيُحشر مع رسول الله وأصحابه المباركين:
" مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ " (29الفتح).
المذيع:
شكراً جزيلاً سيدنا الشيخ ربنا يتقبل منك هذا الدعاء وهذا الشرح الوافي وأن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم