آخر الأخبار
موضوعات

الاثنين، 8 أغسطس 2016

- الإخلاص عند أهل التمكين

الإخلاص عند أهل التمكين هنا ينبغى أن أمسك القلم عن البيان إلا بقدر معلوم، الإخلاص عندهم شهود معانى تجليات الأسماء والصفات حال العمل، وإشراق أنوار المواجهة بتمييز الحضرتين بعد العمل، ليكون الخلاص خلوص العمل من الإخلاص فيه، بالفرار من رؤية الإخلاص فى حال التحقق به، فإن رؤية الإخلاص توجب الشوب فى شهود التوحيد بالتوحيد، لما يترتب عليها من إثبات الإخلاص للعامل، ونسبة العمل إليه، وهو الشرك الأخفى عنده، لأنه يؤدى إلى نسيان الواحد الفاعل المختار، ونسيانه يؤدى إلى نسيان النفس، قال الله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) سورة الحشر آية 19، ومعنى ذلك عندهم، أن المخلص إذا شهد الإخلاص، وشهد العمل، نسى المنان الموفق الهادى المعين، ومتى والعياذ بالله نسيه أنساه الله نفسه، ومعنى أنساه نفسه: أى أنساه حقيقتها من العدم، والذل، والعجز، والضعف، وباقى معانى العبدية، فإذا نسى نفسه أعاذنى الله وإخوانى المؤمنين، أثبت لنفسه صفات الحق، فصار فرعون زمانه، إما بالغرور ظاهراً، وإما بالشرك الأخفى، وأهل التمكين أصحاب نفس، والسالكون أصحاب أحوال، والواصلون أصحاب وقت، وحصن الأمن لأهل التمكين، إن لم يكونوا فى صحبة الوارث المحمدى، كتاب الله تعالى، وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبهما يذوقون مشاهدهم، فإن وافقت الكتاب والسنة، فمشهد حق بحق، وإن خالفت الكتاب والسنة، فمن لمة الشيطان، وكل شهود عندهم يخالف كتاب الله وسنة رسول الله كفر وضلال، وإنى أضع ضابطاً لأهل التمكين، به يدفع الله عنى وعنهم شر الوسواس الخناس، من شيطان الإنس والجن، وهو يسير فى عمله مسير العلم، ويشاهد العامل فى سيره الحكم، حتى يكون حراً من رق الرسم، عبداً صرفاً لذات الله تعالى، مشهده الحكم، اقتداء بالسيد الأكمل صلى الله عليه وسلم لتتميز الحضرتان، وسيره العلم، ليحفظه الله تعالى بالعلم من الشرك الخفى والأخفى، وهذا من أدعياء الطريق من يكون مشهده العلم، فيهدم أسوار الشريعة، ويستظهر على حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين استهوتهم الشياطين، كما قال تعالى: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) سورة المائدة آية 13، فإذا اشتدت الحيرة، حتى همدت نار البشرية، وتطهرت النفس من دخان الإبليسية، تحقق أهل التمكين بحق اليقين، وصار الحق معالم بين أعينهم، ويخلصون من الإخلاص بترك الإخلاص، قال صلى الله عليه وسلم: (والمخلصون على خطر عظيم) ولا ينجو من الإخلاص إلا من تخلص بالإخلاص منه، وهو مقام قوله صلى الله عليه وسلم: (إن لله عباداً تركوا حظوظ أنفسهم، ثم تركوا الدنيا، ثم تركوا العقبى، ثم تركوا الرؤيا، ثم تركوا الشهود، ثم تركوا الترك).



أسأل الله تعالى أن يحققنى وإخوتى بحقيقة الإخلاص له تعالى به حتى نفنى عن شهود الإخلاص، بشهود الفاعل المختار، الهادى، الموفق المعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

- كيفيةاليقظة من نوم الغفلة


 الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم و يفسر قوله تعالى {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا}

القومة لله باليقظة:

واليقظة هى الحياة التى يعلم الإنسان فيها قدر نفسه وقدر ما تفضل الله به عليه فى نفسه وفى آفاقه من النعم فى نفسه وفى آفاقه مع العجز عن حصرها، ويعلم مقداره فى الوجود وما يفـوز به من الخير الحقيقى إذا هو استعمل تلك الحياة الإنسانية الكاملة فى تحصيل ما جعله الله مؤهلاً لنيله وقابلاً لأن يفاض عليه من الكمالات التى بها يكون حياً حياة حقيقية عاملاً للخير الحقيقى والنفع العام.



النوم والغفلة:

النوم للأجسام: فقد الحس والحركة مع بقاء النفس وهو موت قصير، والغفلة: هى نوم النفس بأن تفقد حياتها الفاضلة الروحانية فتنحط إلى أسفل سافلين البعد عن أفق الفضائل إلى حضيض البهائم - قال الله تعالى: (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) سورة الفرقان آية 44.



وليس من القبيح أن ينام الجسم، فإن الجسم ينام ليجدد حياة جسمانية يستعين بها على تنفيذ قصود النفس، وإنما القبيح أن تنام النفس، ونومها أن تفقد سلطانها على الجسـم فتكون خادمة للجسم فتنفذ له حظوظه وشهواته، غافلة عن كمالاتها ومسارعتها إلى بلوغ الغاية التى بها تكون نفساً فاضلة عاملة للخير قائمة لله تعالى بالإخلاص لتفوز برضوانه الأكبر وبالخلود فى جوار الأخيار من رسل الله والأطهار من أولياء الله. وإنما تفوز بتلك الغاية القصوى إذا قامت لله مفكرة، فإن هى نامت نومة الغفلة صارت خادمة للجسم منفذة لحظوظه وأهوائه فانحطت إلى الأسفل.



فتفكر أيها الإنسان واعلم أن نفسك جوهرة نورانية بل لطيفة ملكوتية خلقها الله تعالى من نور جماله وسخر لها كل شىء فى ملكه وملكوته، فإذا هى غفلت تلك الغفلة فخدمت هذا الجسم السافل هوت من على مقامها فى فسيح الملكوت، وانحطت من أفق شرفها الذى به كانت قائمة لله تعالى عاملة لنفع العالم أجمع مسارعة إلى الكمال المطلق الذى تكون فيه شمساً مضيئة فى ملك الله وملكوته فتهوى بسبب الغفلة إلى أدنى مراتب الموجودات. وكيف لا والجسم الذى تخدمه كل مقتضياته بهيمية سبعية إبليسية. وبعيشك أيها الإنسان: كيف ترضى أن ترى ملكاً كريماً يخدم خنزيراً نجساً؟ لعلك تندهش إذا علمت ذلك فضلاً عن أن تراه، فكيف إذا تحققت ذلك فى نفسك؟!


أسباب الغفلة:

الجهل بالكمالات الإنسانية: صحبة السفلة من عبيدِ شهواتهم أو عبيدِ الدنيا أو عبيدِ الشهرة، والجاه: فساد المزاج وعدم تناسب الأعضاء، الخوف المزعج، الطمع فى نيل ضرورى، تصديق كل مخبر، إضعاف الفكر عن البحث فى الأمور حتى ينتج ذلك التقليد الأعمى، فيقلد الإنسان الخلق بحسب شهرتهم أو نسبهم أو مالهم أو عصبتهم من غير بحث فى الأمر، وهذا التقليد هو أشد أمراض الغفلة. وكل إنسان يقلد غيره من غير بحث ولا تفكير فليس بإنسان فى الحقيقة ونفس الأمر، وإن تفرقة المجتمع الإنسانى نشأت من التقليد الأعمى والتسليم للمتكلم لأنه فلان أو إبن فلان أو ذو سلطان أو عالم أو له كرامات، وكل إنسان لم يتبصر فى أموره ويجتهد قبل التسليم حتى يطمئن قلبه الأوْلــَى أن يشطب إسمه من المجتمع الإنسانى فضلاً عن المجتمع الإسلامى .. فإن الخلق فوق الحق.



وللغفلة أسباب أخرى تدعو إليها أهمها: تمكن العلل من القلوب، والحرص على شهوة أو مال أو جاه، والطمع فى نيل حظ أو لذة أو منزلة- وتلك الأسباب تدعو إلى موالاة الأعداء ومخالفة النصحاء وتدعو إلى ضياع الشرف والمال والدين، وقد تقوى تلك العلل حتى يـفقد الإنسان ملكه وحياته. وأغلب تلك الدواعى يعين عليها أهل الطمع فى الجاه والمال والملك، فيسعون بين المتحابين المتعاونين على الخير بأساليب الخديعة الدهاء، مظهرين الولاء لكل فريق، حتى إذا تمكنوا من تفرقتهم بضرب بعضهم بعضاً سلبوا منهم ملكهم وأموالهم. ولم تسلب تلك المعانى إلا بعد سلب الأخلاق والدين، ولم تسلب الأخلاق والدين إلا بعد أن نامت النفس نومة الغفلة، ولو أن النفس لم تنم تلك النومة لما تمكن العالم أجمع أن يسلب من الإنسان اليقظ درهما وفيه قطرة دم، فكيف سلبت الأخلاق والدين ثم سلبت النفس الإنسانية الفاضلة المدبرة وصار الإنسان أقل من البهيم الأعجم؟ كل ذلك بسبب الغفلة. وإن نفساً واحداً فى الغفلة قد يكون سبباً لضياع مجتمع فاضل أو لسلب ملك عظيم وضياع صناعات وفنون وتجارات وزراعات كان لها المقام الأول فى العالم.. كل ذلك بسبب الغفلة.



درجات اليقظة:

الدرجة الأولى: تذكر الفرد ما كان له قبل الغفلة وما أضاعه من ميراث آبائه بالغفلة، أو تذكر العائلة ما كان لسلفها قبل الغفلة، أو تذكر الأمة ما كان لها من المجد والملك قبل الغفلة.

الدرجة الثانية: الندم الشديد المؤدى إلى إحتراق القلب على فقد هذا الخير بالغفلة.

الدرجة الثالثة: البحث بالفكر عن الأسباب التى أدت إلى الغفلة والضياع والأمراض النفسانية التى دعت إليها.

الدرجة الرابعة: المسارعة بهمة إلى علاج تلك العلل حتى تحصل الألفة بينه وبين من كانوا يعينونه بداعى المحبة والألفة من أهل وأقارب وأصدقاء ومواطنين ويجـتهد أن يتحفظ من أعدائه الحـقيقـييـن الذين خدعوه بالباطل حتى ســلبوا نعمــته وشرفه وأفسدوا عليه دينه وخلقه ويتباعد عنهم حتى يتمكن منهم.

الدرجة الخامسة: أن يقوم لله بما يحبه سبحانه وتعالى بعد اليقظة محافظاً على الآداب الشرعية، عاملاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مخلصاً لله صادقاً معه سبحانه، مسارعاً إلى عمل الخير لجماعة المسلمين ليكون عضواً عاملاً فى الجسد الإسلامى

- من علامات القيامة التسابق إلى الإسلام

\
قد قدر الله تعالى أن يكون جيلنا هذا في آخر الزمن ليكرمنا الله بما أكرم به الأولين السابقين إلى الإسلام، فقد كانوا يتسابقون إلى نور الإيمان في وقت كان المجتمع فيه من حولهم في جاهلية عمياء، وضلالة حمقاء، لا علم فيها ينفع، ولا صناعة لها تذكر، ولا أخلاق عنده تحمد، ولا دين يهديهم إلى سواء السبيل وكذلك جاء المؤمنون في هذا الزمن يتسابقون إلى نور الإيمان، والمجتمع الكافر والمترف من حولهم في جاهلية مادية كثيفة، مظلمة وقاتمة، عبر الله عنها بقوله: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى[1] والطاغوت هو طغيان المادة البشع، من الشهوات الفاجرة والأعمال الفاسدة، والزينة والزخرف والعلوم المادية التي اخترعوا بها ما يشبه المعجزات من آلات الدمار والهلاك، ولتلك الأمور طغيان أكبر من طغيان الجاهلية الأولى، فقد زادتهم تلك الصناعات والعلوم كفرًا وجحودًا وعنادًا لله ولرسوله ولدينه ومحاربة للمسلمين وسفكًا لدمائهم واستيلاءً على بلادهم وأموالهم.
والمؤمنون في هذا الجو المكفهر يجاهدون ويتسابقون، ليلحقوا بمن سبقهم من المؤمنين رضي الله عنهم، سر قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ[2] اللهم اجعلنا من هذا القليل يارب العالمين، بل إن التسابق إلى الخيرات والأعمال الصالحة في وسط الجاهلية الثانية هذه، أعظم أجرًا من التسابق أيام الجاهلية الأولى، لأن تلك الجاهلية أشد عتوًا وعنفوانًا وإغراء وإضلالاً من الجاهلية الأولى.
وهذه الظاهرة من أكبر الأدلة على قرب قيام الساعة قال تعالى: ﴿حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ[3] فإنه يجوز أن تكون كلمة الأرض في هذه الآية الشريفة قد أراد الله بها أرض الأمم والدول التي بلغت شأوًا بعيدًا في الصناعات والاختراعات والعلوم الكونية مثل دول الغرب والشرق الكافرين، الذين تبجحوا في هذه الأيام بزخارفهم وصناعتهم وعمارتهم، وتمكنهم من قهر الطبيعة في بلادهم، واستيلائهم على مقدرات الحياة فيها، وظنهم أنهم وصلوا إلى منتهى القوة التي لم تقدر أي قوة على قهرها، ونسوا الله سبحانه وتعالى وتجاهلوا قوته وقدرته عليهم، وكفروا بلقاء الله وجحدوا بيوم الحساب.
ومن هذا المنطلق قاموا يفسدون في الأرض، ويستعبدون الشعوب، ويتحكمون في مصائرهم، وأنه قد حصل فعلاً زخرفة أرضهم بما وصلوا إليه من علم وتكنولوجيا، حتى صارت أرضهم كالجنات الفيحاء والرياض الغناء في وسط هذه الدنيا، وحيث أنهم يجاهرون بقدرتهم، ويتطاولون  بقوتهم ويتحكمون بها في رقاب الناس، وغفلوا عن ذي القدرة والجلال سبحانه وتعالى، فإن قوتهم هذه على وشك الانهيار والخراب، وبلادهم في طريق الهلاك والدمار بما صنعوا في عباد الله من ظلم وطغيان، وتطاول على قدرة ذي الجلال والإكرام.
وعلى ذلك تكون هذه الآية خاصة بأصحاب هذه البلاد الكافرة ومن على شاكلتهم، دون بقية العالم، وخاصة المسلمين فإنهم لا يتطاولون على قدرة الله، ولا يظنون أنهم قادرون على كل شيء في أرضهم وديارهم لأن المسلمين حتى وإن بلغوا شأنًا كبيرًا في الحضارة والرقي والتقدم والازدهار وعمروا الأرض، وزخرفوها، وزينوا البلاد، وجملوها إلا أنهم لا يعتقدون أنهم قادرون عليها، ولا يتطاولون بذلك على عباد الله، ولا يفسدون في الأرض بعد إصلاحها، بل إنهم يؤمنون بأن الله على كل شيء قدير، وإن الذي أجراه الله على أيديهم من هذه الصناعات والعمارات والتقدم والازدهار إنما هو بفضل الله وتوفيقه، ومعونة الله وتأييده، فالآية إذن خاصة بدول الكفر والجحود ودول الاستعمار والفساد، وإننا نرى أن ما أعدوه من الآلات الجهنمية والقنابل الذرية والغازات السامة إنما هو نذير إهلاكهم، وآلات إبادتهم وخرابهم بسبب ظلمهم وعدوانهم: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[4]  
وإن الله سينجي المؤمنين بقدرته وحكمته من هذا العذاب الأليم، الذي تسعره وتوقده هذه الدول الكافرة لإهلاكهم قبل إهلاك غيرهم ولكنهم لا يعلمون.
هذا وإن في قوله تعالى: ﴿ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا إشارة إلى هذا التوجيه الذي ذهبنا إليه لأن كلمة ﴿ أَوْ في هذه الآية الشريفة تقتضي العطف بدون ترتيب المعطوف على المعطوف عليه، وإنما تفيد كلمة ﴿ أَوْ هنا معنى الجمع لأن الليل والنهار حاصلان فعلاً في وقت واحد، وكل منهما جهة من الأرض، وإنَّ أَمْرَ الله بإهلاك هذه الأرض ومن عليها سيأتيهم في لحظة ما وستكون هذه اللحظة نهارًا في جهة من الأرض، وليلاً في الجهة الأخرى منها.
وقد قال الإمام أبو العزائم رضي الله عنه مشيرًا إلى هذا المعنى في تنبؤاته بأحداث المستقبل:
وفي قلب أوربا يثور شعوبها       ويصطدم الجمعان من تغير تعيين
والجمعان هما معسكر الغرب وحلفاؤه، ومعسكر الشرق وأحلافه، وسيضرب بعضهم بعضًا في ساعة لا تستطيع مخابرات كل منهما تحديدها. أي أن دول الكفر والظلم يصدمون مع بعضهم في وقت واحد، لا يعرفه أحد منهم، حتى يهلكون جميعًا في آن واحد وهذا معنى قوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ وذلك تقدير العزيز العليم.
ومن ذلك يتضح أن هذه الأحداث ستقع قبل يوم القيامة، لأن يوم القيامة ليس فيه ليل، وليس فيه نهار، لأن حركة الفلك قد انعدمت فيه، وإن هذه الأحداث الكبرى ستكون علامة من علامات اقتراب الساعة، لأنها حقيقة الهرج والمرج الذي يجتاح العالم حينئذ وهو الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: {وتظهر الفتن ويكثر الهرج قِيل أَيُما الهرج قال القتل القتل}[5].
وقد كتب الله النجاة للمؤمنين، ليعيدوا عمارة الأرض من جديد على مبادئ الإيمان والإسلام: ﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ[6] وقد وعد الله بذلك في قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ[7] وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا وإن الناس ينظرون إلى الإسلام اليوم على أنه الملجأ الوحيد الذي يجدون فيه المخرج مما ألم بهم من الأهوال والشدائد. وذلك لأنهم يئسوا من الأوضاع الراهنة التي لم تزد الأمور إلا تعقيدًا وحرجًا.
وقد قال بعض المفكرين الكبار من دول الغرب المسيحي لو أن محمدًا موجود الآن لحل مشاكل هذا العالم في مدة لا تتجاوز شُرْبُهُ لفنجالِ من القهوة، فأخذوا فعلاً يتجهون للإسلام، ويفكرون فيه جيدًا، فإنهم يعلمون أن محمدًا قائمًا في المسلمين بتعاليمه وآدابه وهديه الكريم، فلم يتغير منه شيء عما كان عليه يوم أن كان يعيش بين أظهرهم، وإننا نرى اليوم كثيرًا من الناس يعتنقون الإسلام ويدخلون فيه اقتناعًا منهم بأن فيه الخلاص والصلاح والإصلاح وسيتحقق قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إذا كان آخر الزمان أهلك الله جميع الملل والنِّحل فلم يبق إلا الإسلام}. وقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا.

منقول من كتاب علامات وقوع الساعة
لفضيلة الشيخ محمد على سلامة
وكيل وزارة الاوقاف ببورسعيد سابقا


[1] [الآية 17، سورة الزمر].
[2] [الآية 10-14، سورة الواقعة].
[3] [الآية 24، سورة يونس].
[4] [الآية 33، سورة النحل].
[5] [رواه الشيخان عن أبي هريرة].
[6] [الآية 21،يوسف].
[7] [الآية 103، يونس].

الخميس، 4 أغسطس 2016

- حكم الاوراد وحلقات الذكرفى الإسلام

- حكم الاوراد وحلقات الذكرفى الإسلام
الورد أو الحزب هو مجموعة من الأذكار المأثورة أو غيرها يلتزمها الذاكر ويواظب عليها؛ رغبة منه فى التقرب من الله, وهو تطوع يتطوع به المسلم لم يفرضه الله عليه,
وكان ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة كما في صحيح البخاري وغيره،
(إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة،)
وكان له حزبا من القران يقرأه كل يوم ما وردعن أوس بن حذيفة ، قال : { قلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد أبطأت عنا الليلة . قال إنه طرأ علي حزبي من القرآن ، فكرهت أن أخرج حتى أتمه وقد روى البخارى
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" كَانَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَجْتَمِعُونَ أَحْيَانًا ، يَأْمُرُونَ أَحَدَهُمْ يَقْرَأُ وَالْبَاقُونَ يَسْتَمِعُونَ . وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ : يَا أَبَا مُوسَى ذَكِّرْنَا رَبَّنَا فَيَقْرَأُ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (22 /521)
واه مسلم (2701) عن مُعَاوِيَة بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال : َإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا أَجْلَسَكُمْ ؟ قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا . قَالَ آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ ؟ قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ . قَالَ : ( أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ )
وما رواه أيضا (2699) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ) 7]).
وقد بوب النووى الحديث الأول فى كتابه رياض الصالحين بعنوان, باب فضل: (حلق الذكر), والذكر فى الشريعة الإسلامية له معان كثيرة منها: الإخبار المجرد عن ذات الله, أو صفاته, أو أفعاله, أو أحكامه, أو بتلاوة كتابه, أو بمسألته ودعائه, أو بإنشاء الثناء عليه بتقديسه, وتمجيده, وتوحيده, وحمده, وشكره وتعظيمه,
 وقد أورد الصنعانى حديث مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما جلس قوم يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة, وغشيتهم الرحمة, وذكرهم الله فيمن عنده)([8]).
: (دل الحديث على فضيلة مجالس الذكر والذاكرين, وفضيلة الاجتماع على الذكر. وأخرج البخارى: (أن ملائكة يطوفون فى الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تعالى تنادوا هَلُمُّوا إلى حاجتكم. قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا) الحديث. وهذا من فضائل مجالس الذكر تحضرها الملائكة بعد التماسهم لها..

واعتاد العلماء على مر العصور يحددوا يوم من أجل للاجتماع بتلاميذهم لتعليمهم العلم النافع و لارشادهم و نصحهم و توجيههم الى الخير و الهدى و الرشاد . ليزاد اقبالهم على الله و يعم تمسكهم بدين الله . و سن هؤلاء العلماء اورادهم و صلوات على رسول الله من الكتاب و سنة رسوله ليجتمع التلاميذ على قرائتها و فهم معانيها حتى يتجدد ايمانهم و يدوم اقبالهم على الله كما قال تعالى : " يا أيها الذين أمنوا أتقوا الله و كونوا مع الصادقين " فيكون المؤمن مع هؤلاء الصادقين . فلا يجد فراغا من وقته يلعب به الشيطان فى اللهو و الهزل و البعد عن الله و رسوله . و حث رسول الله صلى الله عليه وسلم  على مجالثتهم لما فيها من الخير العميم . و الفضل العظيم فى مجالستهم و قراءة اورادهم . و كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما اجتمع قوم فى بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينه و غشيتهم الرحمه و ذكرهم الله فى لأ عنده " و الاحاديث كثيرة فى الاجتماع على طلب العلم و على ذكر الله تعالى .
وأخرج البزار، والحاكم في المستدرك وصححه عن جابر قال: "خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر في الأرض فارتعوا في رياض الجنة قالوا: وأين رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر فاغدوا وروحوا في ذكر الله"

وأخرج الشيخان عن ابن عباس قال: إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن عباس كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته.


فان الاجتماع على اوراد الصالحين خير و بركة و بر و احسان و تعاون على الخير و الدعوة الى المحية و الاخاء . وا
و لم ينكر احد من اهل العلم عليهم ذلك و من الاوراد المؤثوره عنهم ما ذكره سعيد ابن منصور و ابن جرير فى تهذيب الاثار و ابن ابى عاصم و يعقوب بن شيبه فى احياء سيدنا على و الطبرى و غيرهم ان رضى الله عنه انشأ صلاة على النبى صلى الله عليه وسلم و كان يعلمها للناس قال رضى الله عنه : " اللهم صلى على محمد و على آله محمد , اللهم انى اسالك بحق محمد و آل محمد ان تكفنى شر ما اخاف و اخدر"
. وان حلقات الذكر بهيئة الركوع والوقوف منه لاشيء فيه وقد ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم كان على المنبر، وكان يعظ أصحابه، ويتلوا عليهم القرآن ويخطب فيهم، وهذا من العبادات بلا ريب، ومن مجالس الذكر قطعا، وبينما كان صلى الله عليه وسلم على المنبر جعل يتلوا الآية الكريمة ويقبض يده ويبسطها ويتمايل تمايلا عن يمين وشمال، وكان تمايله من الوضوح بحيث أن سيدنا عبد الله بن عمر رأى المنبر تحت قدمي رسول الله صلي الله عليه وسلم يتحرك وخاف أن يسقط، وفي هذا مشروعية التمايل في أثناء الوعظ والذكرالورد أو الحزب
 اقوال العلماء فى الذكر الجماعى
قال ابن حجر الهيثمى (رحمه الله): (محافظة الإنسان على أوراد له من الصلاة, أو القراءة, أو الذكر, أو الدعاء طرفى النهار وزلفاً من الليل, وغير ذلك, فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحين من عباد الله قديماً وحديثاً, فما سُنَّ عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات, فُعِلَ كذلك, وما سُنَّ المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عُمِلَ كذلك, كما كان الصحابة رضي الله عنهم، يجتمعون أحياناً يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون, وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: يا أبا موسى, ذكرنا ربنا, فيقرأ وهم يستمعون)وروي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: لأن أجلس مع قومٍ يذكرون الله سبحانه من غُدْوَةٍ إلى طلوع الشمس، أحبّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس.
ابن قيم الجوزية:

وقال ابن قيم الجوزية: (ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء، فإذا تُرك صدىء، فإذا ذكر جلاه. وصدأ القلب بأمرين: بالغفلة، والذنب ؛ وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر. فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكماً على قلبه، وصدؤه بحسب غفلته. وإذا صدىء القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه ؛ فيرى الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل، لأنه لمَّا تراكم عليه الصدأ أظلم فلم تظهر فيه صور الحقائق كما هي عليه. فإذا تراكم عليه الصدأ، واسودَّ، وركبه الرانُ فَسَدَ تصورُه وإدراكه فلا يقبل حقاً، ولا ينكر باطلاً، وهذا أعظم عقوباتِ القلب. وأصل ذلك من الغفلة واتباع الهوى، فإنهما يطمسان نور القلب ويعميان بصره

والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

الأربعاء، 3 أغسطس 2016

- مقامات الرضا


( 4 ) قوله رضي الله عنه:
(وبذله عند نواله فرحاً بمفارقته، مسروراً بما استعاضه عنه )
وفي هذه الفقرة، يبين الإمام أبو العزائم رضي الله عنه، أن العبد الواصل إلى بغيته ومقصوده من محبة الله ورضوانه عزَّ وجلَّ، إذا نال شيئاً من متع هذه الحياة الدنيا ولذاتها وشهواتها، بل وطيباتها ومسراتها، وزخرفتها وزينتها، مما هو مباح شرعاً ولا إثم في نواله والحصول عليه،من مأكل شهى، ومشرب هني، وفراش ناعم وطي، قام هذا العبد الموصول بالله عزَّ وجلَّ، فبذل كل ذلك وتركه من أجل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، برضي وسرور وانشراح صدر وطيب خاطر، وآثر به أخوانه ممن يحتاجون إليه، فرحا ًبمفارقته هذه الأشياء، سعيداً ببذلها، لأنه قد تخفف منها ومن الشغل بها، ليجد ويجتهد في الوصول إلى مقامات الرضى عن الله عزَّ وجلَّ فإن فيها خير العوض وخير الجزاء، وإن فيها كذلك جمالات وصله ونعيم أنسه، ومسرات قلبه وسعادة روحه.
بل قد يبذل ما هو أكبر من ذلك وأعظم، فيتنازل عن ضرورياته وحاجاته الملحة، مما لا بد للجسم منه، من راحة ونوم وأكل وشرب، ولباس ومال وجاه ومنزلة، وغير ذلك من ضروريات الحياة البشرية، كل ذلك عن رضى واطمئنان وكرم نفس وطهارة وجدان.
بل قد يبلغ مقاماً أرفع من ذلك، فيزهد في هذه الأشياء. والزهد في الحقيقة هو كراهية الشيء المزهود فيه، والنفور منه، لأن هذا الشيء صار غير ملائم ولا مناسب لوضعه ورتبته ومقامه. كل هذا من نتائج المجاهدة الحقة في ذات الله.
وقد ورد في الحكمة (المجاهدة للمشاهدة). والمشاهدة معناها، مشاهدة الغيب العلي، ورؤية معاني أسماء الله وصفاته، ونور الله وبهائه، قد أشرق في النفس وفي الآفاق وفي الأنحاء والأرجاء. قال الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
يا قلب وجه المنعم الوهاب     قد لاح فاشهده بغير حجاب
ومن أعطى الكل لله، أخذ من الله كل ما يتمناه، ومن بخل بشيء على مولاه حرم من فضله ورضاه، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وكيف يبخل عبد مملوك لله، بشيء من إنعام سيده عليه ؟ إن هذا لشيء عجاب، إذ الفضل والبر، والخير والمعروف، والإحسان كله من الله سبحانه واصل منه جل جلاله إلى عبده الذي خلقه من العدم وسواه.
قال الأمام أبو العزائم:
فالواصلون رأوا جمالا ظاهرا     قد أخرج النساك من ظل الظلام
دارت عليهم خمرة الحب التي      قد ووجهوا فيها بوهاب سـلام
اللهم نعمنا بوصلك، وقربنا بفضلك، وأشهدنا جمال وجهك، يا على يا عظيم أغفر الذنب العظيم، فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى الله وصحبه وسلم.
وبعد بذل المرغوب فيه، والملائم للنفس، يتفضل الله فيعوض العبد عوضاً لا حد ولا عد، ويمنحه نوراً في نفسه وفي جميع قواه الحسية والروحية، يرى به الغيب العلى، من كمالات الله وجمالاته، وبهائه وجلاله وتنزلاته، ويرى وجه ربه عزَّ وجلَّ في كل شيء، وهذه المشاهد فوق كل ما يتصوره العبد الواصل من النعيم المقيم، قالت السيدة رابعة:
ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي     وأبحت جسمي من أراد جلوس
فالجسم منى للجليس مؤانس     وحبيب قلبي في الفؤاد أنيس
وقال أبو العزائم:
فالروح في أنس بوجه حبيبها     والجسم في طرب وفي إسعاد
وقالت السيدة رابعة رضي الله عنها:
فيا مدعى حبنا     دع الروح ثم انطـرح
ووحد جمال الحبيب     وقل للعزول استرح
فضيلة الشيخ محمد على سلامة

الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

- الشوق إلى الله

- الشوق إلى الله
 (الوصول وجدان باعث الوله إلى التخلق بأخلاق الربوبية).
ومعنى هذه العبارة، أن العبد السالك في طريق الله تعالى، إنسان انكشفت له حقيقة هذه الحياة الدنيا، فأيقن بزوالها، وأنه راجع إلى الله كادح في العودة إليه، وأنه يقطع أنفاسه بسرعة مرور الزمن في الإسراع إلى لقائه جل شأنه، فاشتدت رغبة هذا الإنسان، بل وألحت عليه ضرورة الرجوع إلى الله، في أن يتعرف على الله، وأن يطلب الله وأن يجاهد نفسه في معرفة أخلاق الله، وآداب الله وصفات الله، وأسماء الله، وبعد معرفته لله سبحانه وتحققه بكمال رأفته وشفقته وعظيم حنانته ورحمته جلَّ جلاله بالإنسان فعند ذلك يحصل له وجدان وشوق، وإحساس قوى، يبعث في نفسه الوله والاحتراق، والعشق الشديد إلى التخلق بمعاني أخلاق الله وصفاته الكريمة وأسمائه الحميدة ليكون فيه من صفات الله ما يتقرب به من الله، وما يتحبب به إلى جناب الله، لأن الله سبحانه وتعالى يحب في العبد المؤمن أخلاقه وصفاته جلَّ جلاله، ولا يحب طول الإنسان وعرضه، ومظهر الإنسان وشكله وقوام الإنسان وجسمه، سر قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم}.  ومعنى هذا الحديث الشريف أن نظر الله لنا ليس هو رؤية الله للعبد فإن الله لا تخفي عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا تغيب عنه مثقال ذرة ولا أصغر في عالم الملك والملكوت، فهو يرى كل شيء ويسمع كل شيء، ولكن المقصود بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد من نظره جلَّ شأنه للإنسان المؤمن، هو حبه جلَّ جلاله، وإقباله على العبد بمعاني وداده ورأفته وحنانته، ليواجه سبحانه بصفاته العلية هذا العبد المتصف بهذه الصفات، فإنه أهل لنظر الله، وأهل لمواجهة الله، وأهل لمحبة الله، لأنه تخلق بأخلاق ربه، ولذلك قال الإمام رضي الله عنه:
(وجدان باعث الوله إلى التخلق بأخلاق الربوبية).
فقوله بأخلاق الربوبية، يعنى اتصف العبد بمعاني صفات الربوبية من التربية والإمداد، والإحسان والإكرام، والشفقة والرحمة، والعطف والمودة، والحنان والهداية، والنصح والإرشاد، والتوجيه والتعليم، والصبر والرضا، وجميع الأخلاق التي هي من معاني الربوبية، ما عدا الخلق والإيجاد، والتصوير والإبداع من العدم فإنها خاصة بذات الرب جلَّ جلاله.
وهنا يحلو للعبد الفرق في مقام الجمع، فيكون العبد جامعاً بين مكانته العبدية من الذل والخضوع والانكسار والافتقار، وبين معاني صفات الربوبية من الرحمة والشفقة والإحسان والود وغيرها، ويكون العبد فارقاً بين رتبته العبدية والمكانة القدسية العلية. وهذا هو كمال التنزيه لله جلَّ جلاله، فالعبد عبد وإن خلع الله عليه من معاني صفاته وأخلاقه حلل الجمال والكمال، وإن ناجاه وقربه إلى مقامات الأنس والوصال، والرب رب وإن تنزل إلى العبد فواجهه وكلمه وناجاه، والعبد عبد وإن رفعه الله فوق العرش وأدناه.
والعبد الكامل لا يغرق في هذه البحار، وإنما يغوص فيها لاستخراج كنوز الحقائق ودرر المعاني، لينتفع بها في نفسه، وينفع بها أهله وإخوانه، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
والسالك يسير على الصراط المستقيم، ويقطع المسافات والمراحل حتى يصل إلى معرفة الله وحبه لله، والواصل متخلق بأخلاق الله ومجاهد نفسه للتأدب بآدابه، حتى ينال المحبة والقرب من الله عزَّ وجلَّ، والمقرب مطلوب العناية الإلهية ومجذوب الولاية الرحمانية، فان عن نفسه وعن عمله، وعن علمه وعن جهاده، محمول على رفارف الفضل، محفوظ من الفتنة والزيغ. وذلك معنى قول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي:﴿ من طلبني وجدني، ومن وجدني عرفني، ومن عرفني عشقني ومن عشقني قتلته، ومن قتلته كنت ديته، ومن كنت ديته كان لا فرق بيني وبينه﴾. ومعنى ﴿لا فرق بيني وبينه﴾، لا أجعل بيني وبينه حجاباً ولا مسافة ولا زمانًا بل يكون عند الله والله عنده، بلا زمان ولا مكان، لأن الله من وراء الزمان والمكان، ومن وراء كل شيء، ومن كان عند الله ترك كل شيء يشغله عن الله، وفات كل شيء يبعده عن الله، ليكون مع الله بلا قيد في وسعة الإطلاق الإلهية من وراء جميع العوالم العلوية والسفلية، وكان الله سبحانه عوضاً له من كل شيء.
ومعنى قول الله في الحديث القدسي﴿ومن عشقني قتلته﴾.يعنى أفنيته عن نفسه وعن شهوته، وعن حظه وعن طمعه، وعن حرصه وعن أمله، وعن حبه لغيره سبحانه، فلم يكن فيه شيء لغير الله عزَّ وجلَّ، وهذا هو قتيل الغرام، وشهيد المحبة والعشق والهيام الإلهي، لأن العشق نار معنوية تستعر في الضلوع والأحشاء فتهيجها إلى المحبوب والمعشوق، وتشدها إلى الله ورسوله شداً قوياً. قال الإمام أبو العزائم رضي الله عنه:
نار الغرام سعيرها أحيا الهـوى     حتى تمنيت الشهود لـدى اقتراب
لم أقو والجبل الشديد اندك من     برق التجلي والفتى الفاني أنـاب
الشوق صولته وقدري عبـده     والأنس فوق الروح بل لب اللباب
ومعنى قول الله تعالى في الحديث القدسي ﴿ومن قتلته كنت ديته﴾.أن الله سبحانه وتعالى لما أفنى العبد عن كل ما تقدم ذكره، أبدله الله أنساً يجد لذته في نفسه، وقرباً يجد نعيمه في قلبه، وعطفاً ووداً يجد سروره في فؤاده. زالت عنه الوحشة وبعدت عنه الغربة، واضمحلت في نظره الدنيا وزخارفها، وصار الله مراده ووجهته وقصده، يطلبه في كل شيء، ويتعرف عليه في كل أمر وشأن، ويعشقه في كل ظاهر وباطن، وأصبح الله منه على بال وصار الحق جل جلاله معالماً بين عينيه لا يغيب، وحاضراً لديه وفي كل نفس قريب.
وهذا هو الوجدان الذي يبعث الوله والغرام في نفس طالب الوصول إلى الله عزَّ وجلَّ، والراغب في رضوانه الأكبر ورضاء رسـوله صلى الله عليه وسلم، حتى يتحلى هذا العبد بمعاني صفات الله عزَّ وجلَّ ويتخلق بأخلاقه الكريمة، ويكون بينه وبين الله نسب ويقربه إليه وحب يوصله إليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{أحبوا الله لما يغذوكم به من النعم والآلاء، وأحبوني لحب الله، وأحبوا آل بيتي لحبي}.  وقال الإمام رضي الله عنه مبيناً معنى الحب لله ورسوله:
الحب حبان حب عن مواجهة      بالاجتــلاء وهذا للأقلينـــا
أو فهم أسرار آيات منزلــة     بها الوصول إلى روضات عالينــا
وقال أيضاً:
الحب ما الحب نور الله يمنحه     أهل الصفا بدوام الود والحال
ولا يتحقق الحب إلا بعد معرفة المحبوب، ومشاهدة جمالاته وكمالاته ومحاسنه وأخلاقه، وهذا هو حب الأفراد المقربين والمصطفين المحبوبين، الذين واجههم الله بمعانيه الحسان، وأخلاقه العظام. ومن دون ذلك حب من أجل الأيادي والنعم، والعطايا والمنن، وهو حب السالكين الذين عرفوا فضل الله عليهم، وتحققوا بإحسان الله إليهم، وشهدوا نعمه سبحانه التي أمدهم بها وأسبغها عليهم ظاهرة وباطنة، فأحبوه سبحانه لذلك، وأحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه باب لفضل الله عزَّ وجلَّ، وسبب لرضوان الله، ووسيلة عظمى لنوال كل خير في الدنيا والآخرة. وهذا هو حب المؤمنين السالكين لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما حب المقربين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حب ذاتي. بمعنى أنهم تحققوا بأنه صلى الله عليه وسلم هو رحمة الله بهم، وعناية الله بهم، ونعمة الله لهم، وفضل الله عليهم، وأنه صلى الله عليه وسلم أولى بهم من أنفلسهم وأرحم بهم من أنفسهم، ومن آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم فأحبوه صلى الله عليه وسلم حباً جعل الواحد منهم يتمنى أن يموت نصرة له صلى الله عليه وسلم وفداء لمبادئه صلى الله عليه وسلم، بل يتمنى الواحد منهم أن يقتل ولا يسمع أن أحدا ً أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة. وذلك الحب ناتج عن مواجهة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بأسراره وأنواره وعلومه ونظراته وتوجهاته صلى الله عليه وسلم.
فضيلة الشيخ محمد على سلامة

- كيف يكون السالك صادق الإرادة؟

- كيف يكون السالك صادق الإرادة؟
( 3 ) قوله رضي الله عنه:
(مع اللذة بالآلام والطرب عند فوات ما يلائم تلك القوى مما حرصت على نيله )
والذي يلائم هذه القوى، وتلك الأخلاق الحيوانية والإبليسية، من الحصول على الشهوات واللذات، والحظوظ والمتع الفانية، من المآكل والمشارب، والملابس والرياش، والأثاث والزينة، واللذة الجنسية، وغيرها مما يلائم ويوافق الطباع والغرائز البهيمية في الإنسان،وكذلك الشره والحرص، والطمع والأمل، ومما تفرح بنواله النفس من غريزة حب التملك والتسلط، والسيطرة والرياسة، والتعالي في الأرض على عباد الله، وكذلك ما يناسب ويوافق القوى الإبليسية في الإنسان، من الأثرة والأنانية، وكراهية الخير للناس، والتكبر والتجبر، والخيلاء والرياء، والنفاق والشرك الخفي والأخفى، وحب التغلب والخصام، والجدال والنزاع، والمراء والغل، والكيد والحسد، والمداهنة والمكر وكل ما يلائم تلك القوى الشريرة، من حب المال والغنى، والجاه والسلطان وزخرف الحياة الدنيا، فإن أهل الوصول إلى الله عزَّ وجلَّ، عشاق الفضيلة والكمال، المتشوقون والمتلهفون على التخلق بأخلاق الله ورسوله، إن هؤلاء يتلذذون، ويفرحون ويسرون، بفوات ما يلائم الطباع الحيوانية والقوى الإبليسية، التي يجاهدونها في أنفسهم، ويحاربونها في هياكلهم انتصاراً لله ورسوله، متلذذين بما يصيبهم من الآلام الفادحة، والمجاهدات الكادحة في سبيل قهر هذه القوى وإضعافها، والتغلب عليها، بل وتبديلها وتغييرها بما هو أحسن وأكرم، وأجل وأعظم، من أخلاق الروحانيين، وآداب الواصلين، وصفات الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
مع العلم أن القوى الحيوانية والإبليسية، حريصة كل الحرص، ومتنبهة كل التنبه على تحصيل ما تتلذذ به وتأنس به، من عاجل زهرة الحياة الدنيا ومتعها الفانية، وشهواتها ولذاتها الزائلة، لأن ذلك يرضي عناصرها، ويوافق غرائزها، ويحقق مطامعها وآمالها الفانية، ولو كان ذلك على حساب الآخرين، وفي ضرر الغير، لأن تلك القوى كادحة في غيها، جاهدة في طيشها وغرورها، ولا بد من مجاهدتها، مجاهدة فوق جهاد الأبطال، حتى ترعوي عن غيها وفسادها، وتستقيم على حفظ مكانتها ومنزلتها، من القرب من الله تعالى، ومواجهته في دار كرامته وفي هذه الحياة الدنيا، لأنها مؤهلة للترقي والكمال، والحظوة بنعيم القرب والوصال. قال الحكيم:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على     حب الرضاع وإن تفطمه ينفطـم
فجاهد هواها وحاذر أن توليــه     إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
يصم أي يصمه عن الحق، بحيث يكون في أذنيه صمم عن سماع الخير ومعنى يصم يشينه ويلحق به العار والهلاك.
قال الإمام أبو العزايءم رضي الله عنه:
هي نفس إن طهرت وتزكت     تتهنى بحظوة بالـــولي
وهى حيوان أو أضل سـبيلا     إن تسلت عن حسنها بالدني
وهى إبليس إن أبت وتعالت     وتعامت عن سرها الآدمي
ولقد فطر الله الإنسان وابتلاه بهذه القوى، لأن الإنسان هو المخلوق الوسط، الذي جمع الله فيه كل عناصر العوالم العالية، بما فيها من الجمالات والروحانيات، والبهاء والنور والضياء، والكمال والرحمة، والصفاء والوفاء، وكل العوالم السافلة بما فيها من العناصر المتضادة، والكثافة والظلام، والغرائز والشهوات، فهو ملتقى جميع العوالم ومحور ارتكازها، وفلك مدارها، فهو المخلوق العجيب، والصنع الغريب، الذي أسجد الله له عوالم عالين، وحير فيه عوالم سافلين، قال الإمام على رضي الله عنه:
وتحسب أنك جرم صغير     وفيك انطوى العالم الأكبر
وقال الرجل الحكيم:
والذي حارت البرية فيه     حيوان مستحدث من جماد
ومن هنا كانت قضية تكريم هذا الإنسان وتبجيله واحترامه، وحمله على رفارف العناية الإلهية في البر والبحر، والسهل والوعر، والرمل والصخر والهواء والأرض.
قال الله تعالى:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾.[70، الإسراء].
وهذه الآية الكريمة رفعت قدر الإنسان، وكرمته على سائر مخلوقات الله، ولو لمن ينزل من السماء قرآناً على الإنسان غير هذه الآية، لكان واجباً على الإنسان وجديراً به، أن يشكر الله عزَّ وجلَّ، ويثني عليه ويذكره ويسبحه ويعظمه، ويمجده ويكبره، ويقدسه ويحمده آناء الليل وأطراف النهار، قياماً له سبحانه وتعالى ببعض ما يجب عليه لله عزَّ وجلَّ من فرائض الولاء والعبادة والشكر والوفاء على تكريم الله له، وتشريفه إياه، ورفع مقداره بهذه الآية الشريفة، بل يتحقق الإنسان بكمال عجزه عن القيام لله بما هو أهله، وبما يستحقه من الشكر والعرفان على ما أولاه من الرفعة والسناء، بإنزال هذه الآية الشريفة، تبياناً لقدر الإنسان، وإعلاء لذكره. وقد قال الإمام أبو العزائم:
خل يا إنسان حظاً شهوة     تشهد الوجه الجميل ترى الدليل
وقال رضي الله عنه:
جاهد نفوسا فيك بالشرع الأمـين     واحذر قوى الشيطان في القلب كمـين
غل وكيد من حسود ماكــــر     ظلم العباد بنية في كل حيـــــن
هذا اللعين به الهلاك فخلـــه     أسرع إلى القرآن في الركن المتيـــن
والنفس شهوة مطعم أو مشـرب     أو ملبس فاحذر بها الداء الدفيـــن
إلا الضرورة فالإباحة إن دعـت     فيها الضرورة فاطلبنها من معيـــن  
جع أضعفنها واحذرن من غيها     غض الجفون وحاذرن فتك الكمـين
والنفس داعية الرياسة فاحذرن     فرعونها تنجو من الداء الدفيـــن
فالإنسان هو المراد لذات الله جل جلاله من بين هذه العوالم، والمطلوب لحضرته من الوجود كله، ولذلك سخر الله له جميع العوالم وجعلها تسعى إليه بالتسخير والقهر الإلهي.
والإنسان سيد مطاع، وملك لهذه المملكة، ولكن جهل الإنسان هذه الحقائق، ونسي نفسه وغفل عن مركزه وشرفه ومكانته، فأدركه الله بعنايته ورعايته، فأرسل له الرسل، وأنزل له الكتب، وأقام له العلماء وورثة الرسل حفظاً لرسالات الله في الأرض، ورحمة بهذا الإنسان، وهداه النجدين، فسعد بالتوفيق والهداية من جاهد نفسه وخالف حظه وهواه، واتبع هدى الله، واقتدى برسل الله وورثتهم من بعدهم، وشقي والله من عمى عن نور الله واتبع حظه وهواه.
قال الله تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى﴾.[123_126، طه].
قال الشيخ أحمد بن شرقاوى رضي الله عنه:
يا هادى القلب الكئيب اللاجي     حقق بعذب وصلك ابتهاجي
والواصل إلى الله عزَّ وجلَّ، والمجاهد لكل ما فيه من الغرائز والقوى والفطر والعادات والصفات البشرية، والحيوانية والإبليسية، إنما يفرح فرحاً شديداً بل ويطرب ويتلذذ بما فاته من الأمور التي تعين هذه القوى على تحصيل متعها وشهواتها، وما يناسبها ويلائمها من زهرة هذه الحياة الدنيا وبهجتها، لأن الواصل في مقام يوجه فيه كل عزمه وهمه وإرادته، وكل خواطره وملكاته وقواه جميعها في الوصول إلى مقصوده،والحصول على مطلوبه، وهو تبديل أخلاقه وأحواله وأرضه وسمائه، بصفات الله ورسوله، وآداب الله ورسوله، حتى يكون عبداً نورانياً قرآنياً، طاهراً زكياً، بل عبدًا ربانيًا يمنح الخير، ويفيض البر والنفع على أهله ورفاقه، وعلى كل المسلمين، من غير أن يطلب منهم أجراً ولا شكراً، سر قول الله تعالى: ﴿لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾. [9، الإنسان].
وإنما يرجو بذلك رضاء الله ورسوله، والقيام بما أوجبه الله عليه ووصاه به رسول الله، حبا لله ولرسوله، وإيثاراً لله ورسوله على كل شيء، والله نسأل أن يكاشفنا بهذه الجمالات، ويمنحنا تلك الكمالات، إنه كريم مجيب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى الله وصحبه وسلم.
فضيلة الشيخ محمد على سلامة

الأحد، 31 يوليو 2016

- ما منازل عباد الرَّحمن؟


من يريد أن يكون مع رسول الله؟ يدخل من هذا الباب ... وهو الباب الأكرم والأعظم الذي يستلزم جهاد شديد وعتيد، هذا الباب يقول فيه الإمام علي رضى الله عنه وكرم الله وجهه:
{ ليست الكرامة أن تطير فى الهواء فإن الطيور تفعل ذلك، ولا أن تمشي على الماء فإن الأسماك تفعل ذلك وليست الكرامة أن تقطع ما بين المشرق والمغرب فى لحظة لأن الشيطان يفعل ذلك ولكن الكرامة أن تُغير خلقاً سيئاً فيك بخلق حسن }
وهذا هو جهاد الأبطال وجهاد الرجال وجهاد الكمل .. جهاد العارفين ... جهاد المقربين ... جهاد الصالحين .. جهادهم أن ينظر الواحد منهم فى مرآة نفسه! ويزن نفسه بأخلاق أصحاب رسول الله ويرى أين يكون منهم؟
أو يزن نفسه فى مرحلة أرقى بعد أن ينتهى من الأولى بكتاب الله ويرى الأخلاق التى مدح بها الله الأصفياء ... والأتقياء ... والأنقياء ... من عباد الله وأين يكون منها؟ ....!!
فيجد على سبيل المثال: "عباد الرحمن" والترتيب فى القرآن لسرٍّ يعلمه الرحمن ويكون بحسب الأولوية،
(قال تعالى :(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا (63الفرقان)

أول صفة من صفاتهم هى التواضع لكل الخلق،
ولذلك فإن أول شيء يعالجوه منه أن ادخل المصحة النبوية وعالج مرض الكبر!!؛
لأنه لو بقى ذرة واحدة من مرض الكبر فلا وصول! ولا اتحاد بأصل الأصول! وأيضاً ليست هناك له جنة !
.. لماذا؟ ... لأنه صلى الله عليه وسلم قال:{ نظرت إلى باب الجنة فوجدت مكتوباً لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ }
ليس ذرة وحسب ولكن بعض ذرة أى أقل من الذرة:
ألا من يكن فى قلبه بعض ذرة ****من الكبر والأحقاد ما هو ذائق
فهولا يتذوَّق أى شيء لأنه مريض! إذا أعطوه العسل يجده مرَّاً! فهل المرارة فى العسل أم عنده؟ عنده! ولكن لأنه مريضٌ بمرض الكبر يرى أنه الوحيد الكامل وبقية الناس لا تعرف شيئاً !! والمفروض أن يكونوا مثله ويتبعوه ويسمعوا توجيهاته
ونصائحه !!!! ... وهذا يا إخوانى هو أكبر مرض يتعرض له الإنسان فيحرمه من عطاء الرحمن عزوجل.
(الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً )

والمرتبة الثانية:
وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً) [63:الفرقان]
أي أمسك قوة الغضب لديه وهذبها ورِبَّاها وأصبح حليماً):
إن إبراهيم لأواه حليم [التوبة] - الآية 114
، درَّب نفسه وأدخلها فصل(وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ) [134:آل عمران]،.
كلما سمعت شيئاً يغضبها! تكظم الغيظ؛ وقد قال حضرة النبي:
{مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِنْفَاذِهِ مَلأَهُ اللَّهُ أَمْناً وإِيماناً، وَمَنْ تَرَكَ لُبْسَ ثَوْبِ جَمَالٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعاً كَسَاهُ اللَّهُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ، وَمَنْ زَوَّجَ لِلَّهِ تَوَّجَهُ اللَّهُ تَاجَ الْمُلْكِ }
والكلام لنا جميعاً ... فى نفع الخلق.. كظم الغيظ ... والتواضع والتراحم ... والتكافل ... حتى بتزويج الضعفاء والفقراء ! فإذا ذكرنا كظم الغيظ !! فالرجل منَّا الذي يمسك زوجته ويضربها كيف يكون رجلاً ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول :
{ خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، مَا أَكْرَمَ النَّسَاءَ إِلاَّ كَرِيمٌ، وَلاَ أَهَانَهُنَّ إِلاَّ لَئِيمٌ }
(فهل تُنَصِّبْ نفسك خالد بن الوليد على المسكينة زوجتك التى لا تملك إلا لسان! ماذا تفعل معها إذاً؟ (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ
وإذا اجتزت هذا الفصل عليك أن تدخل من باب: (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)[134:آل عمران]، لأن الذي كظم غيظه فقد كظمه فى نفسه وفقط !! ... لكن الأعلى من ذلك أن تعفو عمن أساء إليك وتسامحه !! وإذا نجحت النفس فى هذا الباب نرقيها للمرحلة الأعلى: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران].
هذا لكى تعلموا أن كلام ربنا بميزان!! لأنها رتبة .. بعد رتبة .. بعد رتبة ... من هؤلاء؟ الذين قال فيهم حضرة النبي:
{ وَأَحْسِنْ إِلى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ تَكُنْ مُسْلِمَاً } .
للمذيد اضغط الرابط :مكتبة الشيخ فوزي محمد أبوزيد على الفيس بوك

السبت، 16 يوليو 2016

الإنفجار العظيم

الإنفجار العظيم
 قال الله تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30]
التفسير اللغوي:
قال ابن منظور في لسان العرب:
رتْقاً: الرَّتْقُ ضدّ الفتْقُ.
وقال ابن سيده: الرَّتْقُ إلحام الفتْقِ وإصلاحه، رتَقَه يرتُقُه ويرتِقُه رتقاً فارتتق أي التَأَم.
ففتقناهما: الفتقُ خلاف الرتق، فتقه يفتقُّه فتقاً: شقه.
الفتق: انفلاق الصبح.
فهم المفسرين:
قال الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}.
اختلف المفسرون في المراد بالرتق والفتق على أقوال:
أحدها: وهو قول الحسن وقتادة وسعيد بن جبير ورواية عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهم أن المعنى كانتا شيئاً واحداً ملتصقتين ففصل الله بينهما ورفع السماء إلى حيث هي، وأقرّ الأرض، وهذا القول يوجب أن خلق الأرض مقدم على خلق السماء لأنه تعالى لما فصل بينهما ترك الأرض حيث هي وأصعد الأجزاء السماوية، قال كعب: "خلق الله السموات والأرض ملتصقتين ثم خلق ريحاً توسطتهما ففتقهما بها".

الثلاثاء، 12 يوليو 2016

- عبادة قضاء المصالح

- عبادة قضاء المصالح

الكثير من محبى الصالحين وممن لديهم أشواق عالية إلى روضات القرب من ربِّ العالمين يظنون أن الوصول إلى تلك الروضات والمقامات بالنوافل العبادية فقط التى يُسرف فيها الإنسان أو يزيد فيها رغبة فى رضاء الله أى أنه يقوم الليل ويصوم الدهر ويقبل على قراءة القرآن ليل نهار ويظنُّ كثيرٌ أن هذا هو الطريق لولاية الله أو أنه السبيل الموصل لفتح الله لا هذا طريق العابدين أما طريق العارفين فغير ذلك
وليس معنى ذلك أننا نقلِّل من قيمة النوافل العبادية لا فنوافل العبادات لابد منها لكن إذا كان هناك ما هو أولى منها فنقدمه على هذه النوافل أما إذا كان ليس عندى شئ يشغلنى فعلىَّ بالنوافل على سبيل المثال: - خُيِّرتُ هذه الليلة بين الصلح بين اثنين وبين قيام الليل راكعاً ساجداً لله ما الأَوْلى؟ الصلح بين الإثنين وإذا أصلحت بين اثنين فلا أجلس معهما متململاً ولا متضايقاً أو أن أشعرهم أنهم منعونى من قيام الليل أجرك فى الصلح بين الإثنين أعلى من قيام الليل أما إذا كان فى هذه الليلة ليس عندى عمل من أعمال البر للغير ولا عمل من أعمال الخير لنفسى ولا لأهلى كأن أذهب بابنى المريض للطبيب وغير ذلك فلابد أن أجعل لنفسى فى هذه الليلة قياماً لله -
كذا لو استفتحت فى كتاب الله ثم سمعتهم ينبهون عن جار لك توفى أيهما أولى أن تشيع الجنازة أم تتلو القرآن؟ تشيع الجنازة - أو سمعت أن جارك مريض فأيهما أولى أن تعود المريض أم تقرأ القرآن؟ أعود المريض - أو جار لى له مصلحة وأنا لى مقدرة على إنجازها له فأيهما أولى قراءة القرآن أم قضاء مصلحة جارى؟
قضاء المصلحة أجره أكثر من أجر عبادة ستين سنة قال الحبيب{مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ وَبَلَغَ فِيهَا كَانَ خَيْراً مِنِ اعْتِكَافِ عِشْرِينَ سَنَةٍ وَمَنِ اعْتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلاَثَةَ خَنَادِقَ أَبْعَدُهَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ[1
] ومن الجائز أن يدعو لك دعوة صالحة تجعلك ترتفع فى المقامات أكثر من رفعتك بالعبادات ستة آلاف سنة أو أكثر أو أقل لأنك تعرضت لدعوة صالحة من رجل بائس فقير مسكين ذللت له أمره وسهلته له إذاً نحن لا نقلل من النوافل ولكن هناك أولويات مصالح الأفراد ومصالح المجتمعات أفضل من العبادات النفلية إذا كنت مستطيعاً القيام بها رغبة فى وجه ربِّ البرية أما إذا استطعت أن تجمع بين الإثنين فأنت من الرجال الكُمَّل مثل ما كان يعمل سيدنا عمر بن الخطاب حيث يقول {إذا نمتُ نهاراً ضيَّعتُ رعيَّتِى وإذا نمتُ ليلاً ضيَّعت أمرى فجعلتُ النهارَ لرعيَّتِى وجعلتُ الليلَ لنفسى][2]
[1] للطبرانى فى الأوسط وللحاكم فى المستدرك وللبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن عباس [2] تاريخ دمشق لإبن عساكروليس معنى ذلك أننا نقلِّل من قيمة النوافل العبادية لا فنوافل العبادات لابد منها لكن إذا كان هناك ما هو أولى منها فنقدمه على هذه النوافل أما إذا كان ليس عندى شئ يشغلنى فعلىَّ بالنوافل على سبيل المثال: - خُيِّرتُ هذه الليلة بين الصلح بين اثنين وبين قيام الليل راكعاً ساجداً لله ما الأَوْلى؟ الصلح بين الإثنين وإذا أصلحت بين اثنين فلا أجلس معهما متململاً ولا متضايقاً أو أن أشعرهم أنهم منعونى من قيام الليل أجرك فى الصلح بين الإثنين أعلى من قيام الليل أما إذا كان فى هذه الليلة ليس عندى عمل من أعمال البر للغير ولا عمل من أعمال الخير لنفسى ولا لأهلى كأن أذهب بابنى المريض للطبيب وغير ذلك فلابد أن أجعل لنفسى فى هذه الليلة قياماً لله -كذا لو استفتحت فى كتاب الله ثم سمعتهم ينبهون عن جار لك توفى أيهما أولى أن تشيع الجنازة أم تتلو القرآن؟ تشيع الجنازة - أو سمعت أن جارك مريض فأيهما أولى أن تعود المريض أم تقرأ القرآن؟ أعود المريض - أو جار لى له مصلحة وأنا لى مقدرة على إنجازها له فأيهما أولى قراءة القرآن أم قضاء مصلحة جارى؟قضاء المصلحة أجره أكثر من أجر عبادة ستين سنة قال الحبيب{مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ وَبَلَغَ فِيهَا كَانَ خَيْراً مِنِ اعْتِكَافِ عِشْرِينَ سَنَةٍ وَمَنِ اعْتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلاَثَةَ خَنَادِقَ أَبْعَدُهَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ[1] ومن الجائز أن يدعو لك دعوة صالحة تجعلك ترتفع فى المقامات أكثر من رفعتك بالعبادات ستة آلاف سنة أو أكثر أو أقل لأنك تعرضت لدعوة صالحة من رجل بائس فقير مسكين ذللت له أمره وسهلته له إذاً نحن لا نقلل من النوافل ولكن هناك أولويات مصالح الأفراد ومصالح المجتمعات أفضل من العبادات النفلية إذا كنت مستطيعاً القيام بها رغبة فى وجه ربِّ البرية أما إذا استطعت أن تجمع بين الإثنين فأنت من الرجال الكُمَّل مثل ما كان يعمل سيدنا عمر بن الخطاب حيث يقول {إذا نمتُ نهاراً ضيَّعتُ رعيَّتِى وإذا نمتُ ليلاً ضيَّعت أمرى فجعلتُ النهارَ لرعيَّتِى وجعلتُ الليلَ لنفسى][2][1] للطبرانى فى الأوسط وللحاكم فى المستدرك وللبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن عباس [2] تاريخ دمشق لإبن عساكروليس معنى ذلك أننا نقلِّل من قيمة النوافل العبادية لا فنوافل العبادات لابد منها لكن إذا كان هناك ما هو أولى منها فنقدمه على هذه النوافل أما إذا كان ليس عندى شئ يشغلنى فعلىَّ بالنوافل على سبيل المثال: - خُيِّرتُ هذه الليلة بين الصلح بين اثنين وبين قيام الليل راكعاً ساجداً لله ما الأَوْلى؟ الصلح بين الإثنين وإذا أصلحت بين اثنين فلا أجلس معهما متململاً ولا متضايقاً أو أن أشعرهم أنهم منعونى من قيام الليل أجرك فى الصلح بين الإثنين أعلى من قيام الليل أما إذا كان فى هذه الليلة ليس عندى عمل من أعمال البر للغير ولا عمل من أعمال الخير لنفسى ولا لأهلى كأن أذهب بابنى المريض للطبيب وغير ذلك فلابد أن أجعل لنفسى فى هذه الليلة قياماً لله -كذا لو استفتحت فى كتاب الله ثم سمعتهم ينبهون عن جار لك توفى أيهما أولى أن تشيع الجنازة أم تتلو القرآن؟ تشيع الجنازة - أو سمعت أن جارك مريض فأيهما أولى أن تعود المريض أم تقرأ القرآن؟ أعود المريض - أو جار لى له مصلحة وأنا لى مقدرة على إنجازها له فأيهما أولى قراءة القرآن أم قضاء مصلحة جارى؟قضاء المصلحة أجره أكثر من أجر عبادة ستين سنة قال الحبيب{مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ وَبَلَغَ فِيهَا كَانَ خَيْراً مِنِ اعْتِكَافِ عِشْرِينَ سَنَةٍ وَمَنِ اعْتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلاَثَةَ خَنَادِقَ أَبْعَدُهَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ[1] ومن الجائز أن يدعو لك دعوة صالحة تجعلك ترتفع فى المقامات أكثر من رفعتك بالعبادات ستة آلاف سنة أو أكثر أو أقل لأنك تعرضت لدعوة صالحة من رجل بائس فقير مسكين ذللت له أمره وسهلته له إذاً نحن لا نقلل من النوافل ولكن هناك أولويات مصالح الأفراد ومصالح المجتمعات أفضل من العبادات النفلية إذا كنت مستطيعاً القيام بها رغبة فى وجه ربِّ البرية أما إذا استطعت أن تجمع بين الإثنين فأنت من الرجال الكُمَّل مثل ما كان يعمل سيدنا عمر بن الخطاب حيث يقول {إذا نمتُ نهاراً ضيَّعتُ رعيَّتِى وإذا نمتُ ليلاً ضيَّعت أمرى فجعلتُ النهارَ لرعيَّتِى وجعلتُ الليلَ لنفسى][2][1] للطبرانى فى الأوسط وللحاكم فى المستدرك وللبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن عباس [2] تاريخ دمشق لإبن عساكروليس معنى ذلك أننا نقلِّل من قيمة النوافل العبادية لا فنوافل العبادات لابد منها لكن إذا كان هناك ما هو أولى منها فنقدمه على هذه النوافل أما إذا كان ليس عندى شئ يشغلنى فعلىَّ بالنوافل على سبيل المثال: - خُيِّرتُ هذه الليلة بين الصلح بين اثنين وبين قيام الليل راكعاً ساجداً لله ما الأَوْلى؟ الصلح بين الإثنين وإذا أصلحت بين اثنين فلا أجلس معهما متململاً ولا متضايقاً أو أن أشعرهم أنهم منعونى من قيام الليل أجرك فى الصلح بين الإثنين أعلى من قيام الليل أما إذا كان فى هذه الليلة ليس عندى عمل من أعمال البر للغير ولا عمل من أعمال الخير لنفسى ولا لأهلى كأن أذهب بابنى المريض للطبيب وغير ذلك فلابد أن أجعل لنفسى فى هذه الليلة قياماً لله -كذا لو استفتحت فى كتاب الله ثم سمعتهم ينبهون عن جار لك توفى أيهما أولى أن تشيع الجنازة أم تتلو القرآن؟ تشيع الجنازة - أو سمعت أن جارك مريض فأيهما أولى أن تعود المريض أم تقرأ القرآن؟ أعود المريض - أو جار لى له مصلحة وأنا لى مقدرة على إنجازها له فأيهما أولى قراءة القرآن أم قضاء مصلحة جارى؟قضاء المصلحة أجره أكثر من أجر عبادة ستين سنة قال الحبيب{مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ وَبَلَغَ فِيهَا كَانَ خَيْراً مِنِ اعْتِكَافِ عِشْرِينَ سَنَةٍ وَمَنِ اعْتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلاَثَةَ خَنَادِقَ أَبْعَدُهَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ[1] ومن الجائز أن يدعو لك دعوة صالحة تجعلك ترتفع فى المقامات أكثر من رفعتك بالعبادات ستة آلاف سنة أو أكثر أو أقل لأنك تعرضت لدعوة صالحة من رجل بائس فقير مسكين ذللت له أمره وسهلته له إذاً نحن لا نقلل من النوافل ولكن هناك أولويات مصالح الأفراد ومصالح المجتمعات أفضل من العبادات النفلية إذا كنت مستطيعاً القيام بها رغبة فى وجه ربِّ البرية أما إذا استطعت أن تجمع بين الإثنين فأنت من الرجال الكُمَّل مثل ما كان يعمل سيدنا عمر بن الخطاب حيث يقول {إذا نمتُ نهاراً ضيَّعتُ رعيَّتِى وإذا نمتُ ليلاً ضيَّعت أمرى فجعلتُ النهارَ لرعيَّتِى وجعلتُ الليلَ لنفسى][2]

[1] للطبرانى فى الأوسط وللحاكم فى المستدرك وللبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن عباس [2] تاريخ دمشق لإبن عساكروليس معنى ذلك أننا نقلِّل من قيمة النوافل العبادية لا فنوافل العبادات لابد منها لكن إذا كان هناك ما هو أولى منها فنقدمه على هذه النوافل أما إذا كان ليس عندى شئ يشغلنى فعلىَّ بالنوافل على سبيل المثال: - خُيِّرتُ هذه الليلة بين الصلح بين اثنين وبين قيام الليل راكعاً ساجداً لله ما الأَوْلى؟ الصلح بين الإثنين وإذا أصلحت بين اثنين فلا أجلس معهما متململاً ولا متضايقاً أو أن أشعرهم أنهم منعونى من قيام الليل أجرك فى الصلح بين الإثنين أعلى من قيام الليل أما إذا كان فى هذه الليلة ليس عندى عمل من أعمال البر للغير ولا عمل من أعمال الخير لنفسى ولا لأهلى كأن أذهب بابنى المريض للطبيب وغير ذلك فلابد أن أجعل لنفسى فى هذه الليلة قياماً لله -كذا لو استفتحت فى كتاب الله ثم سمعتهم ينبهون عن جار لك توفى أيهما أولى أن تشيع الجنازة أم تتلو القرآن؟ تشيع الجنازة - أو سمعت أن جارك مريض فأيهما أولى أن تعود المريض أم تقرأ القرآن؟ أعود المريض - أو جار لى له مصلحة وأنا لى مقدرة على إنجازها له فأيهما أولى قراءة القرآن أم قضاء مصلحة جارى؟قضاء المصلحة أجره أكثر من أجر عبادة ستين سنة قال الحبيب{مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ وَبَلَغَ فِيهَا كَانَ خَيْراً مِنِ اعْتِكَافِ عِشْرِينَ سَنَةٍ وَمَنِ اعْتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلاَثَةَ خَنَادِقَ أَبْعَدُهَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ[1] ومن الجائز أن يدعو لك دعوة صالحة تجعلك ترتفع فى المقامات أكثر من رفعتك بالعبادات ستة آلاف سنة أو أكثر أو أقل لأنك تعرضت لدعوة صالحة من رجل بائس فقير مسكين ذللت له أمره وسهلته له إذاً نحن لا نقلل من النوافل ولكن هناك أولويات مصالح الأفراد ومصالح المجتمعات أفضل من العبادات النفلية إذا كنت مستطيعاً القيام بها رغبة فى وجه ربِّ البرية أما إذا استطعت أن تجمع بين الإثنين فأنت من الرجال الكُمَّل مثل ما كان يعمل سيدنا عمر بن الخطاب حيث يقول {إذا نمتُ نهاراً ضيَّعتُ رعيَّتِى وإذا نمتُ ليلاً ضيَّعت أمرى فجعلتُ النهارَ لرعيَّتِى وجعلتُ الليلَ لنفسى][2][1] للطبرانى فى الأوسط وللحاكم فى المستدرك وللبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن عباس [2] تاريخ دمشق لإبن عساكر









الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد




شارك فى نشر الخير