عدد المشاهدات:
فالذي يريد أن تكون له منزلة في الجنة لابد أن
يبحث من الآن ونحن جميعًا سنعرض على الله ﴿ وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا )(48الكهف)، ففي هذا العرض كيف
نكون؟
ربنا قال: (هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ 163آل عمران)، هناك من يكون قدام عرش الرحمن على منابر
من نور، وهناك من هم تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، وهناك من حول حوض
الكوثر يأخذون الأكواب من الحبيب ويوصلونها إلى الأحباب، فأين أنت من هؤلاء؟ لابد
أن تختار منزلة من منازل الرجال الذين
ذكرهم الله في القران.
فالذي جاء بهذا الكلام أننا سمعنا الله عز وجل
يعلن عن صنف من الرجال في آيات كتاب الله، حتى تعرف هؤلاء الرجال ربنا قال فيهم: ( (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ
تُرْفَعَ ) (36النور)
وفى بيوت لحضرة الله تتنزل فيها الأنوار الإلهية
والألطاف الربانية والعلوم الإلهية وهى قلوب الصالحين من عباد الله، فهؤلاء بيوتهم
التي أشار إليها حضرة النبي وقال فيها في الحديث القدسي عن الله:
{ مَنْ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ
فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ زَارَنِي فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِي فَإِيَّايَ زَارَ
، فَحَقٌّ عَلَى الْمَزُورِ أَنْ يُكْرِمَ زَائِرَهُ.}[1]
فالناس فهمت أن يتطهر في بيته ويتوضأ في بيته ثم
يذهب إلى المسجد ولكنه يريد هذا البيت الذي قال فيه حضرة النبي صلى الله عليه وسلم
:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: { إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ
وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ } [ متفق عليه ]
ذكّرك بالطهارة الظاهرة حينما تتطهر، وتطهر
الظاهر؛ تتفكر وتطهر الباطن لله U لأن
هذا هو موضع نظر الله، وهؤلاء طهروا هذه القلوب من الشرك والشك والوهن والخيال
والأرجاس والأدناس والشهوات وكل ما يشغل عن حضرة الله عز وجل ؛ حتى تصبح هذه
القلوب خالصة لعلام الغيوب عز وجل، وبعد أن طهروا القلوب شَغَلوها بذكر علام
الغيوب، ولهذا قال فيهم الله هؤلاء سواء تاجروا أو عملوا بالزراعة أو أي عمل فلا
شيء يشغلهم عن الله لأن الذكر في القلب، والقلب يعمل حتى لو نام الجسم يكون القلب
مشغولًا بذكر الله عز وجل على الدوام:
فطهروا القلوب واشتغلوا فيها بذكر حضرة علام
الغيوب، وأصبح اللسان يترجم عن ما في القلب فلا يجوز للسان أن يذكر الله والقلب
مشغول بدنياه، فاللسان يعبر عن ما في القلب فلهذا (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ
الزَّكَاةِ ۙ ((37النور) وجمّلوا القلب
بالخوف من الله وهذا مقام المراقبين يراقبون اللهU في كل أحوالهم بماذا
يجزيهم الله ( لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا )(38النور) أي يتغاضى عن
السيئات ويتغاضى عن الذنوب ويستر العيوب ويجزيهم أجر مضاعف عن الحسنات:
(أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي
أَصْحَابِ الْجَنَّةِ )(16الأحقاف)
هذه الأولى، والثانية:( وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ )(38النور) فيجزيهم بما يليق
بجماله ويليق بكماله من النعم والأفضال الإلهية والعطايا الربانية التي لا يستطيع
لسان مهما أوتى من بيان أن يكشف عن ذرة منها لأنها خصوصية لحضرة الرحمن خص بها أهل
هذا المقام الكريم من رجال الله الصالحين الذين ذكرهم الله في القرآن.
هذا صنف من الأصناف وصنف آخر: (7البينة)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) )هؤلاء أحسن الناس يوم القيامة، هؤلاء يصلون إلى
مقام الرضوان:
(رَّضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )(8البينة)
ما العمل الذي أوصلهم إلى ذلك؟ خشية الله ومراقبة
الله ومراعاة حضرة الله عز وجل
فنحن نحتاج أن نفتش في هذه الإعلانات ونتدارسها مع
الأخصائيين الذين عينهم سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم حتى نعرف ما فيها ونختار بعضها؛ حتى نحسن
لأنفسنا؛ نختار واحدًا منها فنفوز أو نختارها كلها، فإذاً يا هنانا مع نبينا عند
ربنا عز وجل
، ويحاول الواحد أن يكمل بهذه الكمالات حتى يخرج
من هذه الدنيا وتكون لنا الأوسمة الربانية والنياشين الربانية والشهادات القرآنية
حتى يزفه إلى خروج روحه من الحياة الدنيوية.
ولذلك كان الصالحون في لحظات الموت يبشِّروا من
بجوارهم بما يروا، سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه، في لحظة موته قال
لمن حوله: إني أرى حضرة ما هم بجنّ ولا إنس وبعد لحظة قال:
لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ
الْعَامِلُونَ )(61الصافات)
المنزلة التي يراها، وهذا موجود في العلوم
الإلهية، إياك أن تقول هذا الزمان ليس فيه هذه الأصناف، وقد ورد فى الأثر الذى
اشتهر على أنه حديث ويؤيده الحديث:
لكن الناس اشتغلت بالدنيا وبالمشاكل وبالملاهي
والجاه والمناصب وفكّروا أن أهل الصفا غير موجودين، فأهل الصفا موجودون لكن مستورون
بستر رب العالمين لأنهم لا يريدون أن ينشغلوا مع المشغولين، فهم يريدون أن يكونوا
مع الله عز وجل على الدوام لأنهم يعلمون أن الدنيا كلها أيام أو
بعض أيام وبعد ذلك يجد الهنا بجوار الملك العلام عز وجل
.
[1] رواه الطبراني في المعجم
الكبير عن سلمان بن الإسلام.
[2] صحيح البخارى ومسلم عن
عائشة بنت عبدالله.
[3] الجد الحثيث فى
بيان ما ليس بحديث للعامرى، قال ابن حجر لا أعرفه ومعناه صحيح، وكذا فى الدرر
المنتثرة فى الأحاديث المشتهرة، وفى المقاصد الحسنة للسخاوى، قال لا أعرفه ولكن
معناه صحيح يعني في حديث (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة).