عدد المشاهدات:
مُقَدِّمَةُ الطَّبْعَةِ الأولى
الحمد لله العلي القدير، له وحده الإرادة النافذة، والقدرة الفاعلة،
إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون. والصلاة والسلام على سرِّ تجلى حضرة الذات
، ومنتهى الكمالات ، المسربل بجميع الأسماء والصفات ، سيِّدنا محمد فاتح كنوز
الفضل والهبات والمفاض منه النور والهداية لجميع الكائنـات ، وآله ورّاث هذه
الحضرات ، والعامـلين بهديه إلى يوم الميقـات ، آمين .
يهتم السادة الصالحون بإحياء ليالي الفضل والإكرام، التي اختصَّها
الله عزَّ وجلَّ بمزيد من الجود والإنعام، وذلك على مدار العام كليلة القدر، وليلة
بدر، وليلة عاشوراء وغيرها وقد دعاهم إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلَّم:
(إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزّ وجلّ في أَيّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ،
فَتَعَرَّضُوا لَها، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا
يَشْقى بَعْدَها أَبَداً )( )
وحثَّهم حثَّاً شديداً على ذلك قوله عزَّ وجلَّ فى معنى حديثه الشريف:
( إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدَاً سَخَّرَهُ لأفْضَلِ الأعْمَالِ فِي
أَفْضَلِ الأوْقَاتِ )
ومن الليالي التي أولاها شيخنا وإمامنا الأمام أبو العزائم رَضِيَ
الله عنه عناية خاصة؛ ليلتا الإسراء والمولد النبوي الشريف؛ لما لهما من صلة بحبيب
الله ومصطفاه صلى الله عليه وسلَّم، وقد سار على هذا النهج في إحياء هذه الليالي
الكريمة ؛ شيخنــا ، ومربِّى أرواحـنا مولانا الشيخ محمد علي سلامه، فقد كان
يحييهما مع الأحباب في مسجد الأنوار القدسية بالمهندسين بالقاهرة - والذي أسَّسه
رجل البر والإحسان المهنــدس علي عبد اللطيف -والذي قد كان له أيضاً - بارك الله
فيه وأجرى الله الخير على يديه - شرف تحمل نفقات الحفلين من ماله الخاص رجاء ما
عند الله عزَّ وجلَّ.
وبعد انتقال فضيلة مولانا الشيخ محمد علي سلامة رَضِيَ الله عنه إلى
الرفيق الأعلى في مكة المكرمة يوم الأحد الموافق 4 من ذي الحجة 1411هـ 16 من يونية
1991م ، أصر الأحباب على استمرار هذه المآثر الكريمة في الاحتفال بهذه الليالي
العظيمة .
وقد كان للعبيد الضعيف شرف تلقي النفحات الربانية، والإلهامات
النورانية التي يفيضها الله عزَّ وجلَّ فضلا منه وكرما لعباده الصادقين، وأحبابه
المخلصين، في هذه الليالي المباركة، فجاءت فيضاً من الله لا بسابق إعداد؛ وإنما
بمحض إمداد من حضرة المنعم الجواد، فما كان فيها من فتح ومن فضل فمن الله عزَّ
وجلَّ، وما كان فيها – إذا وجد – من خطأ ومن زلل فمن عجلتي وزللي ، وقد قام أخوان
صدق بجمعها ونسخها، ثمَّ مراجعتها و نشرها؛ فجزاهم الله عنَّا خير الجزاء.
وقد ركَّزنا في موضوعات هذا الكتاب – وإن كانت كلها فتحاً من الله –
على الجانب السلوكي الذي يحتاجه السالك في طريق الله ؛ ليتأسّى فيه بمولانا رسول
الله صلى الله عليه وسلَّم ، فيفتح الله عليه ببعض ما يخصُّ به عباده الصالحين من
إشراقات نورانية ، وتوجيهات روحانية ، ومكاشفات ملكوتية ، وشفافية قلبية ، تجعله
يتولاه بولايته ، ويخصُّه برعايته ، ويحفظه بكلاءته وصيانته ، ويجعله من أهل قربه
ومودَّته ...
ومع ذلك ، فنحن نقول كما قال الإمام أبو العزائم رَضِيَ الله عنه:
لست أقوى أن أبيِّن بالمقال ... لا ولا أبدى الخفا منّى بحال
أخبر الله بآي أحكمت ... أنه أسرى بعبد للوصال
فقه عبد روحه جسم فدع .... قول من لم يفقهن سر الرجال
لفظ عبد يقتضى الجسم الذي ... فيه عقلٌ فيه روح و الخيال
جمّل الفرد بنور جماله .... صار نورا فوق أعلى فوق عال
والله اسأل أن ينفعنا بما علَّمنا، وأن ينفع بهذا الكتاب كل من قرأه
بفتح في نفسه ونور في قلبه وتقريب إلى ربه عزَّ وجلَّ.
( رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا
)
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
محتويات الكتاب
الباب الأول: لَطَائِفُ الْمُرَادِينَ فِي إِسْرَاءِ النَّـبِيِّ
الأَمِيِنِ
الباب الثاني: مُعْـجِزَةُ الإِسْـرَاء
الباب الثالث: إِسْـرَاءَاتُ الْصَّالِحِين
الباب الرابع: مَعَـارِجُ الْوَاصِلِينَ
الباب الخامس: مَقَامُ التَّدَانى فِى قَابِ قَوْسَين