عدد المشاهدات:
السؤال الخامس: ما هو سر اختفاء الجن عن الأعين؟.
الجواب:
أولاً: لأن الله خلقهم من عناصر لطيفة، هي النار والهواء بخلاف الإنسان الذي خُلِقَ من العناصر الكثيفة وغيرها.
ثانياً: لما قَدَّرَ الله عداوة الشيطان للإنسان وكان الشيطان هو الجن المتمرد على الله بالكفر والعناد، جعله الله مستترًا عن الأعين حتى يتحصن الإنسان منه بالله، ويستعين عليه بالله لأنه قوة شريرة وخفية عنه، ولو كانت ظاهرة له لكان من السهل مجالدتها، فلذلك يستمر تعلق الانسان بربه، ويُقَوىِ الاتصال به عز شأنه.
هذا من ناحية ومن ناحية ثالثة: فإن الله أعطى الجن القدرة على تغيير هيئته، فلو كان ظاهرًا وتغير أمام الإنسان إلى صورة أخرى، أصيب الإنسان بالذعر والهلع، وربما يطيش عقله من كثرة هذه التغيرات.
ومن ناحية رابعة: لو كان الجن ظاهرًا للعين لخالط الإنسان مخالطة ظاهرة فى كل شيء لأن الإنسان لا يستطيع أن يحتجب عنه، قال تعالى فى شأن إبليس لعنه الله: ﴿وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا﴾ [64،الإسراء]. ولو تم ذلك لفسدت الحياة، وتدهورت الأمور في كل شيء ولكن الله حكيم عليم، أعطى كل شيء خلقه ثم هداه الى تكييف حياته التى يعيشها على حسب فطرته.
ومن ناحية خامسة: فإن صورة الجن الأصلية مزعجة ومخيفة كما ذكر ذلك من رآهم على حقيقتهم فلو ظهر للناس بهذه الهيئة لارتاعوا وجزعوا من منظره ولم يستقر لهم حال ولا يهدأ لهم بال وتستحيل حياتهم فى هذه الارض.
السؤال السادس: هل للجن صورة مثل بني آدم؟.
الجواب :
إن للجن صورة خلقهم الله عليها تتناسب مع طبيعتهم، وهم رجال ونساء من جنسهم ولكن لهم القدرة على تغيير هذه الصورة إلى غيرها من صور الكائنات الحية، حسب ما يشاؤون ، وهى خاصية جعلها الله لهم دون غيرهم من الإنسان والحيوان.
السؤال السابع: هل يشتركون مع بني آدم في قول الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء﴾ [45،النور].
الجواب :
لا يشتركون مع الإنسان في هذه الناحية، لأن الله قد أوضح المادة التي خلقهم منها، وهي نار السموم، وقد سبق بيان ذلك، وأيضا قد بين الله مادة خلقهم فى قوله تعالى:﴿وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ﴾.[15،الرحمن]. والمارج هو اللهب الذى لا دخان فيه، يعنى نار صافية، ولكن يجوز بعد ذلك أن تكون هذه العناصر قد أخذت وضعًا آخر بحكم تكوينهم، ودخل إليهم عنصر الماء والغذاء والشراب الذين يعيشون عليه، وحصل بينهم التزاوج والتوالد.
السؤال الثامن: هل يمر الجن بالأطوار السبعة التي يتخلق فيها الإنسان؟.
الجواب :
لا، وذلك لأن عناصر تكوينهم تختلف عن عناصر الانسان التي تحتاج للمرور بهذه الأطوار السبعة، ولكنهم يتناكحون ويتوالدون من غير مدة لأن عنصر تكوينهم يقتضى ذلك، فإن النار تشتعل بمجرد إيقادها، بخلاف الطين الذى لا يتماسك إلا بعد فترة من الزمن، صنع الله الذى اتقن كل شيء.
السؤال التاسع: إذا كان الجن قد خُلِقَ من النار فكيف يعذب بها الكافر والفاسق منهم؟
الجواب:
إن كل شيء يزيد عن حده ينقلب الى ضده، وإن النار التي يعذب بها الجن هى نار تزيد قوتها آلاف المرات عن النار التى خلق منها الجن، ثم إن الجن له روح يحيا بها، فعنصر النار فيه حي بهذه الروح ليقوم بالأمور التي خلقه الله من أجلها، وله عقل وإدراك ومشاعر أخرى يعيش بها.
ومن هنا كان لا غرابة فى تعذيبه بالنار لأنها تعذب هذه القوى، وتلك الحياة التى خلقها الله فى عنصره الناري.
هذا وإن الإنسان خلق من التراب، مع انك لو رميته بطوبة منه آذته وآلمته، وخلق من الماء مع أنك لو ألقيت عليه دلوًا من الماء دفعة واحدة أتعبه وأوجعه، وكذلك خلق من الهواء ولو سلطت عليه مروحة أعيته وأمرضته، وهكذا كل شىء يزيد فى قوته عن قوة القابل كان عذابًا وشقاء على القابل، وإن كان هذا الشيء من الجنس القابل ومادته.
السؤال العاشر: هل يعذب الجن بالزمهرير فقط كما يقول بعض الناس؟.
الجواب :
إن الجن يعذب بالزمهرير، كما يعذب بالنار، لأن الزمهرير هو البرد القارس الذى بلغ أكثر من درجة البرودة المطلقة، هذا وإن الله يعذب الكفار من الجن والإنس على السواء بأي لون من ألوان العذاب التي لا حصر لها ولا عدد مما ملئت به نار جهنم.
ثم إنني أود أن أقول للسائل، إن العذاب الذي أعده الله للكافرين من الإنس والجن إنما هو جزائهم ونصيبهم من غضب الله عليهم، ومقته لهم، وما النار والزمهرير إلا مظهر من مظاهر غضب الله عليهم، وأن سخط الله أقوى وأفظع من عذاب النار والزمهرير.
وإن الله عزَّ وجلَّ قادر على أن يعذب أعداءه، وإن كانوا في النعيم واللذائذ والمشتهيات كما حصل للنمروذ لعنه الله، فقد عذبه الله ببعوضة دخلت أنفه فوصلت إلى خياشيمه ثم إلى دماغه حتى كان دماغه يغلي من تعذيبها، وكانوا يضربونه على رأسه ليسكن العذاب بعض الوقت، ولكنه لا يلبث إلا أن يعود إليه حتى هلك بهذا العذاب.
كما أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن ينعم أحبابه وإن كانوا في وسط النار كما حصل لسيدنا ابراهيم عليه السلام حيث قال الله تعالى للنار:﴿يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾.[69،الأنبياء].
كتبه
فضيلة الشيخ محمد على سلامة
من كتابه حوار حول غوامض الجن