آخر الأخبار
موضوعات

الأحد، 7 فبراير 2016

الصفات الواجبة لله سبحانه وتعالى

عدد المشاهدات:

طريقهم في إثبات الصفات لله تعالى قالوا: هي التي صرح الكتاب العزيز بها، وعن  الصفات الثابتة للمبدع الحكيم موجد جميع العالم، وهي الصفات السبع التي تشاهد في   الإنسان وبها كماله، وهي العلم والحياة والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام .

 1- فأما العلم فقد نبه الكتاب العزيز على وجه الدلالة عليه في قوله تعالى: ) أَلَا   يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (( 3)، ووجه الدلالة أن المصنوع يدل من جهة     الترتيب الذي في أجزائه، أعني كون صنع بعضها من أجل بعض، ومن جهة موافقة            جميعها للمنفعة المقصودة بذلك المصنوع، أنه لم يحدث عن صانع هو طبيعة، وإنما  حدث عن صانع رتب ما قبل الغاية قبل الغاية، فوجب أن يكون عالما به، مثال ذلك



أن الإنسان إذا نظر إلى البيت، فأدرك أن الأساس إنما صنع من أجل الحائط، وأن    الحائط من أجل السقف، تبين أن البيت إنما وجد عن عالم بصناعة البناء وهذه الصفة     هي صفة قديمة، قال الله تعالى: ) وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ((1). فينبغي أن يوضع في الشرع أنه     عالم بالشيء قبل أن يكون، على أنه سيكون، وعالم بالشيء إذا كان، على أنه قد كان، وعالم بما قد تلف أنه قد تلف في وقت تلفه، وهذا هو الذي تقتضيه أصول الشرع،     قال الله تعالى: ) وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ((2) .



2- وأما صفة الحياة فظاهر وجودها من صفة العلم، وذلك أنه يظهر في الشاهد     أن من شرط العلم الحياة، والشرط عند المتكلمين يجب أن ينتقل فيه الحكم من الشاهد        إلى الغائب، وما قالوه في ذلك صواب



3- وأما صفة الإرادة فظاهر اتصافه بها، إذ كان شرط صدور الشيء عن الفاعل العالم أن يكون مريدا له.



4- وكذلك من شروطه أن يكون قادرا، قال جل ثناؤه: ) إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا  أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ((3).



5- فإن قيل: فصفة الكلام له من أين تثبت له؟ قلنا: ثبتت له من قيام صفة العلم  به، وصفة القدرة على الإبداع، فإن الكلام ليس شيئاً أكثر من أن يفعل المتكلم فعلا    يدل به المخاطب على العلم الذي في نفسه، أو يصير المخاطب بحيث ينكشف له ذلك            العلم الذي في نفسه، وذلك فعل من جملة أفعال الفاعل، وإذا كان المخلوق الذي ليس  بفاعل حقيقي – أعني الإنسان – يقدر على هذا الفعل من جهة ما هو عالم قادر، فإنه      بالحرى أن يكون ذلك واجبا على الفاعل الحقيقي، قال الله تعالى: ) وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ    يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ((4)،        فالوحي هو وقوع ذلك المعنى في نفس الموحي إليه بغير واسطة لفظ يخلقه، بل    بانكشاف ذلك المعنى له بفعل يفعله في نفس المخاطب، كما قال تبارك وتعالى: ) فَكَانَ  قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ((5).



ومن وراء حجاب هو الكلام الذي يكون بواسطة ألفاظ تنكشف في نفس الذي   اصطفاه بكلامه، وهذا هو كلام حقيقي، وهو الذي خص الله به موسى، ولذلك قال  تعالى: ) وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ((1).



وأما قوله تعالى: ) أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا (، فهذا هو القسم الثالث، وهو الذي    يكون منه بواسطة الملك، فقد تبين لك أن القرآن الذي هو كلام الله قديم، وأن اللفظ  منزل من الله تعالى، وبهذا باين لفظ القرآن الألفاظ التي ينطق بها في غير القرآن، ومن     لم يفهم هذا على هذا الوجه، لم يفهم هذه الصورة ولا يفهم كيف يقال في القرآن إنه  كلام الله تعالى، وأما الحروف التي في المصحف فإنما هي  من صنعنا بإذن الله تعالى،   وإنما وجب لها التعظيم لأنها دالة على كلام الله تعالى .



6، 7 – وأما صفتا السمع والبصر فإنما أثبتهما الشرع لله تبارك وتعالى من قبل أن السمع والبصر يختصان بمعان مدركة في الموجودات، ليس يدركها العقل، ولما كان الصانع من شرطه أن يكون مدركاً لكل ما في المصنوع وجب أن يكون له هذان                   الإدراكان، فواجب أن يكون عالما بمدركات البصر، وعالما بمدركات السمع، إذ هي     مصنوعات له وهذه كلها منبهة على وجودها للخالق سبحانه في الشرع من جهة تنبيه  على وجود العلم به، وبالجملة فما يدل عليه اسم الإله واسم المعبود يقتضي أن يكون               سميعا بصيراً، لأنه من العبث أن يعبد الإنسان من لا يدرك أنه عابد له، كما قال تعالى:    )  يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا((2). وقال تعالى:    ) أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ((3). فهذا القدر مما يوصف به             الله سبحانه وتعالى ويسمى به، هو القدر الذي نص الشرع أن يعلمه العامة، لا غير         ذلك .



ومن البدع التي حدثت في هذا الباب السؤال عن هذه الصفات: هل هي الذات أم    زائدة على الذات؟ أي: هل هي صفة نفسية أو صفة معنوية؟ وتلك البدعة أوقعت في   اختلاف عظيم بين المسلمين، وضياع نفائس الوقت في الجدل والمعارضات، فمن أراد               السلامة والأمن والنجاة يوم القيامة، فليلزم سبيل السلف الصالح، ومنهج الجماعة،



والتمسك بسنة رسول الله r، عاملا بها غير ملتفت إلى محدثات البدع ومختلفات   الآراء وبواعث الحظ والهوى، والله أسأل أن يجعل لنا نورا في قلوبنا، وأن يمنحنا سبحانه الفقه عنه، وأن يسلمنا من البدع المضلة والضلال، إنه مجيب الدعاء، وصلى       الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم فأما الآية الأولى فدلالتها مغروزة في الفطر بالطبع، وذلك أنه من المعلوم بنفسه أنه       إذا كان ملكان كل واحد منهما فعله صاحبه إنه ليس يمكن أن يكون عن تدبيرهما  مدينة واحدة، لأنه ليس يكون عن فاعلين من نوع واحد، فعل واحد، فيجب   ضرورة إن فعلا معاً أن تفسد المدينة الواحدة، إلا أن يكون أحدهما يفعل ويبقى الآخر           عاطلا وذلك منتف في صفة الألوهية، فإنه متى اجتمع فعلان من نوع واحد على محل واحد، فسد المحل ضرورة، هذا معنى قوله سبحانه: ) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ        لَفَسَدَتَا ( .
التعليقات
0 التعليقات



شارك فى نشر الخير