آخر الأخبار
موضوعات

الأحد، 16 يوليو 2017

- شروق أنوار المعارف

عدد المشاهدات:
 شروق أنوار المعارف في أفق سماء القلوب يكون على قدر صحوها من سحب الآثار وغيم الأغيار وغين الأنوار.
فبقدر صفائها ومحوها يكون تمام أشراق نورها، فإذا انجلى عن سماء القلوب سحب الآثار وغيم الأغيار أشرق فيها نور الفنا، فيغيب القلب والروح عن الرسوم، ولم يبق إلا الحي القيوم، وإذا أنجلت عن الأسرار غين الأنوار أشرق فيها نور البقاء، فيفنى من لم يكن، ويبقى من لم يزل.
فعلامة شروق هذه الأنوار، ترك التدبير والأختيار، والأكتفاء بنظر الواحد القهار، كما أشار إليه بقوله :

" الغافل إذا أصبح نظر في ماذا يفعل والعاقل ينظر ماذا يفعل الله به"

 الغافل هو الجاهل بالله ولو كثر ذكره باللسان، والعاقل هو العارف بالله ولو قل له ذكر اللسان، إذ المعتبر هو ذكر الجنان، فالغافل نفسه موجودة وآماله ممدودة ،إذا أصبح نظر ماذا يفعل بنفسه، فيدبر شؤنه ومأربه بعقله وحدسه، فهو ناظر لفعله معتمد على حوله وقوته، فإذا أفسخ القضاء ما أبرمه وهدم له ما أمله غضب وسخط وحزن وقنط، فنازع ربه وأساء أدبه، فلا جرم أنه يستحق من الله البعد، ويستوجب في قلبه الوحشة والطرد، إلا إن حصل له إياب، وأدام الوقوف بالباب، حتى يرفع عنه الحجاب، فحينئذ يلتحق بالأحباب.
 وأما العاقل وهو العارف، فقد تحققت في قلبه عظمة ربه، وأنجمع إليه بكلية قلبه، فأشرقت في قلبه شموس العرفان، وطوى من نظره وجود الأكوان، فليس له عن نفسه أخبار، ولا مع غير الله قرار، تصرفه بالله ومن الله وإلى الله، فقد فني عن نفسه وبقي بربه، فلم ير لها تركاً ولا فعلاً ولا قوة ولا حولاً، فإذا أصبح نظر ماذا يفعل الله به، فيتلقى كل ما يرد عليه بالفرح والسرور والبهجة والحبور لما هجم عليه من حق اليقين والغنى برب العالمين،قال أبو عثمان رضي الله عنه:" منذ أربعين سنة ما أقامني الله في حال فكرهته ولا نقلني إلى غيره فسخطته" فإذا أراد الفقير أن يكون تصرفه بالله فلينعزل عن حظوظه وهواه، فعليك أيها المريد بالأعتناء بهذا الأمر وافهم عن الله في أمورك كلها وأنشد على نفسك:
أتبع رياح القضا ودر حيث دارت ... وسلم لسلمى وسر حيث سارت
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير