آخر الأخبار
موضوعات

الجمعة، 12 سبتمبر 2014

- مواجهات الجمال والجلال

عدد المشاهدات:
سؤال: يقول بعض الصوفية: إن لله جمال وجلال فيواجه البعض بجماله والبعض بجلاله، فكيف تتم هذه المواجهات؟ 🌹 💧 🌹
🌹الجواب: العبد بين أمرين، بين معصية أو طاعة، إذا وسوست النفس أو زين الشيطان للعبد معصية ما الذى يدفعه عن ارتكابها؟ الخوف، لابد أن يخاف حتى يرتدع عن الوقوع فى المعصية، فيواجهه الله عز وجل بالجلال أى القهر، كيف تتم هذه المواجهات؟ بالنسبة للمبتدئين يلهم الله عز وجل المَلك –وكل إنسان منا على قلبه مَلك يتلقى عن الله ويفرغ فى قلبك ما تلقاه من مولاه فتحس بالخاطر الذى دار فى قلبك أو بالفكرة التى تنتابك فى داخلك ولا تدرى لها مصدراً – فيرسل الله عز وجل وارداً عن النار وأهوالها وأحوالها فيدفع الإنسان عن ارتكاب المعصية، مثل هذه المواجهات تكون بالجلال عن طريق مَلك الإلهام الذى يلهم الإنسان، وهو يتلقى من الرحمن عز وجل.
وقد يُقبل الإنسان على الطاعة ولكن بخطوات حثيثة أى ضعيفة، والله عزوجل يريد أن يُقوى إقباله على الطاعات فيلهم مَلك الإلهام ببعض الجمالات فيُذَكر الإنسان بمنازل عالية فى الجنة يطمع فى الوصول إليها ودخولها، 🌹ويُذكره من القرآن أو السُنة بالأبواب التى تؤهله لدخولها، فيسعى لهذه الأبواب للقيام بها حتى يتأهل لكى يدخل الجنة من هذه الأبواب فيستزيد من فعل الخيرات، ومثل هذه المواجهات تكون بالجمال، وهذا بالنسبة لأهل الطاعات.
أما بالنسبة للعوام فكل ما يشغلهم هو الدنيا وما فيها من حطام ومن مشاكل يتعرضون لها على الدوام، فإذا رأى الله عزوجل عبده الذى يحبه مال إلى الدنيا ويريد أن يُكرهها له أو يجعله يدبر عنها، وقد قال صلي الله عليه وسلم : { إنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ الدُّنْيَا كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمْ مَرِيضَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَوْ سَوِيَتْ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ } {1}
☀لماذا يمنع الطبيب المريض من طعام ما؟ هل حرمان له أم علاج له؟ علاج له لأنه يعلم أن هذا الطعام فيه زيادة الداء فيأمره أن يبتعد عن هذا الطعام ليتحقق الشفاء، فيلهمه الله عز وجل عن طريق مَلك الإلهام فى فؤاده أو عن طريق الدنيا كأن يُعَسر عليه الأمور، وكلما مشى فى طريق لا يجد مسلكاً وكلما مشى وجد مشكلة أو معضلة ولا يجد لها حلاً، وهذه مواجهة ظاهرة فى المظاهر وليس فى القلب النقى الطاهر، وكل ذلك حتى يرجع إلى الله، فعندما يجد الأمور تتعقد معه أو تتفاقم الأزمات عليه فيلجأ لله:
🌱 أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ 🌱 [النمل:62]
وقد تظلم على الإنسان الأيام إذا وقع فى الذنوب وغرق فيها لأذنيه ولا يجد لها مسلكاً ولا مخرجاً، ويريد الله عزوجل لحبه لعبده أن يوقظه منها فيليح له بعض الجمال فى هذه الأحوال حتى يخرج منها سر قول الله عز وجل (إنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ( [الأعراف]
أو قد يكون العبد قلبه ضعيف؛ مثل لأهل البدايات؛ فيوسع الله عليه الأرزاق الظاهرة فيُسَر ويفرح ويستزيد من طاعة الله، أو يحل له المشاكل ليقبل على الله، فهذه المواجهات بالجمال، وهذا الذى يقول فيه الله فى الحديث القدسى:
🌱 {ان من عبادي من لا يصلحه الا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك وان من عبادي من لا يصلحه الا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وان من عبادي من لا يصلحه الا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وان من عبادي من لا يصلحه الا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك اني أدبر عبادي اني بهم خبير بصير} 🌱 {2}
إذاً هذه المواجهات علاجات من حضرة الله لخلق الله المقبلين على الله، إما أن يواجه المرء بالجمال والجلال فى الأمور الحسية، كأن يفتح له باب الخيرات الحسية حتى يقبل على الله، أو يقبضه عند المعاصى فكلما يذهب لمعصية يجد طريقها مسدود، ففى الأثر اشتهر قولهم: {إن من العصمة ألا تجد} {3}
فلا يجد دواعى تعينه على المعصية، وهذه المواجهة بالجلال حتى يردعه عن المعاصى التى تشتهيها النفس ويلذذها له الهوى والشيطان.
وإما أن يواجه الله عز وجل العبد عن طريق مَلك الإلهام، وهذه درجة أعلى وأرقى، وإما أن يواجه الله عز وجل العبد إذا صفا قلبه بالجمال والجلال بمواجهات فى قلبه، الجمال مواجهات ومكاشفات ومشاهدات يظهر أثرها على العبد ولا يطلع على ذاتها إلا ذات العبد ولا يحسن التعبير عنها لأنها أمور ذاتية خصوصية، فيستزيد القرب من الله والإقبال على الله والإتجاه نحو حبيب الله ومصطفاه ، وإما أنه ربما أثناء سيره وسلوكه إلى الله يقع فى سوء أدب، وسوء الأدب مصيره العطب، ولذلك قالوا: (الزم الأدب ولو رقيت إلى أعلى الرتب) ، فيواجهه الله عز وجل بجلاله حتى يتم له كمال الأدب مع الله عز وجل.
وأحياناً تكون هذه المواجهات عن طريق الهواتف، أى أن بعض العباد الذين لم يرتقوا إلى المرحلة القلبية يؤدبهم الله حتى بالهواتف، والهواتف هى أى شئ يلقى عليه الله عز وجل من روحه فيتكلم بأمر الله!!
مثل الرجل الصالح الجالس فى الخلوة ورأى بعض مشاهد الجمال فانبسط - والجمال يجعل الإنسان ينبسط، والبسط ربما يوقعه فى سوء الأدب، ولذلك قالوا:
(إذا أجلسوك على البساط فإياك والانبساط) ، فمد رجليه، فسمع قائلاً يقول: أهكذا تُجالس الملوك؟! الذى سمعه هاتف رنَّ فى أذنه .!!!
قد يكون مَلك ولكنه لا يستطيع رؤيته ولكنه سمع كلامه، وقد يُنطق الله عز وجل له حجراً، أو قد ينطق له شيئاً، مثل سيدى إبراهيم بن أدهم حيث كان فى بدايته أميراً وذهب ليصطاد وكان راكباً فرسه، فناداه السرج الذى يضعه على الفرس ويركب عليه وقال: يا إبراهيم ألهذا خلقت أم بهذا أُمرت؟ نطق السرج بألفاظ فصيحة عربية!! فقال: آن يارب، ونظر فوجد راعى غنم لأبيه الملك فأعطاه ثياب الإمارة وارتدى ثياب الراعى وهام على وجهه مندفعاً نحو ربه حتى صار كما نعلم يُستشفى بدعاءه بل ويُتَوسل إلى الله عز وجل به من شدة إقباله على ربه الله عز وجل ، وقد يكون عن طريق رؤيا منامية، فيريه الله مناماً يتيقظ منه وهذه مواجهة بالجلال، أو يريه الله مناماً يُسر به وهذه مواجهة بالجمال ... إلى أن تتنزل المواجهات إلى القلب، ثم يتلقى القلب بعد ذلك من الله الله عز وجل مشاهدات ومكاشفات ومؤانسات وملاطفات كما قال الله:) وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ )
[الأنبياء] رغباً أى بالجمال ورهباً أى بالجلال.
💧{1} تحفة المحتاج في شرح المنهاج.
💧{2} رواه البغوى، عدة الصابرين
💧{3} عبد الله بن أَحمد في (زوائد الزُّهد ) عن عون بن عبد الله أَنَّه كان يقول: «إِنَّ مِنَ العِصْمَةِ أَنْ تَطْلُبَ الشَّيءَ مِن الدُّنْيَا فَلاَ تَجِدُهُ».
🌹☀🌹 همسات صوفية للشيخ فوزي محمد أبوزيد🌹☀🌹
🌹☀🌹 من كتاب الأجوبة الربانية في الأسئلة الصوفية 🌹☀🌹
لتحميل الكتاب مجانا اضغط على

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:




شارك فى نشر الخير