عدد المشاهدات:
🌹الجواب: فى نصف كلمة: الأمل!!
🌹فالأمل هو الباعث الدائم على أى عمل ...... ونفسر:
لو أردت الحصول على الماجستير أو الدكتوراه فإنى أختار الكلية التى سأسجل فيها وأعرف مواعيد التقديم لأقدم أوراقى التى جهزتها ثم أسأل عن الجداول والأساتذة وكيفية الإلتقاء بهم وأسأل عن الإمتحانات لأنى حريص على هذه المصلحة .... وهكذا، لو أردت الحصول على شقة راقية فى منطقة راقية وليس معى إمكانيات، فأبحث عن كيفية توفير التمويل اللازم، إما عن طريق عقد عمل فى دولة عربية أو شركة داخلية فيها مميزات عالية، أو عندى شئ من التركة أبيعه لأحقق هذا الأمل !!
فأنا أبحث لكى أحقق الأمل، فمع الله لابد أن يكون للسالك أملُ حتى لا تفتر همته؛ أمل عظيم فى مقام كريم عند مولاه.
🌹ماذا أريد؟ الرجل الذى ذهب لرسول الله صلي الله عليه وسلم وقال له أنا لا أريد إلا:
) فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز)َ [آل عمران:185]، ففى الحديث: { جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللّهِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، ثَائِرُ الرَّأْسِ، نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ وَلاَ نَفْقَةُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللّهِ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهن؟ قَالَ: لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ، وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ فَقَالَ: لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ، وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لاَ، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ، قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُو يَقُولُ: وَالله لاَ أَزِيدُ عَلَى هذَا وَلاَ أَنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ } {1}
فالرجل أمله الجنة فقط، فهذا أمله محدود ولذلك أعطاه الحبيب منهجاً محدوداً, لأن الأمل هو الذى يُقوى العمل ... ولذلك نسأل دائماً إخواننا عن أملهم حتى يأخذوا المنهج الذى يوصلهم لهذا الأمل ..
فالذى يريد أن يكون من الذين يقول فيهم الله: ) أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ )[الأنعام:82]، فيكون منهجه: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ ( [الأنعام:82]، أى حافظ على الإيمان وابعد نفسك عن العصيان، احفظ الجوارح والأركان من العصيان وقم بفرائض الإيمان فتكون فى (أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ )
وآخرين يريدون:) يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ( [الكهف:28] ، هؤلاء لهم همة أخرى، وهؤلاء أمر الله نبيه أن يظل معهم دائماً:
) 🌹وَاصْبِرْ نَفْسَكَ (فأنت المشرف عليهم وسيعرضون عليك الأحوال والأعمال وعليك أن تتحفهم بشريف الخصال حتى يبلغوا مقام كمال الرجال عند اللهعز وجل.
فكل إنسان له همته، فالذى يريد الجنة، فى أى حى يريد أن يسكن؟ هل فى حى الفردوس أم فى حى عدن أم فى النعيم أم فى جنة المأوى أم فى جنة الخلد؟ كل جنة لها سعرها ولها ثمنها، فإذا أردت أن تشترى فى جنة الفردوس عليك بـ: ) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ( [المؤمنون]، فيكون معك شهادة خشوع من الله عز وجل، ومعك شهادة بالخلو من مخالفات اللسان: ) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُون (، وشهادة بالفاعلية لمجتمعك الذى أنت فيه: ( وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ( ، وفيش وتشبيه بحفظ الجوارح والأركان: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ( ، ثم شهادة من الحضرة المحمدية بأنك متخلق بالأخلاق المحمدية: ) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ، وشهادة أعلى بأنك محافظ فى كل أنفاسك على صلتك بمولاك: ) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ( فإذا اكتمل الملف فتكون النتيجة:
) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) (.
فكل جنة لها ملفها فى كتاب الله وفى سُنة رسول الله، والمهم أن تجهز نفسك بالمستندات المطلوبة لهذا الملف وتؤهلك لها.
🌹لو أردت أن أكون ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) [القمر]،
فهذه فوق الجنان وتحتاج إلى الهمة العالية للوصول إلى أعلى درجات التقوى:
) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (، فهذه تحتاج إلى الوصول إلى أعلى درجات التقوى.
والتقوى معناها الخوف، فهناك من يخاف من النار: ) فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ( [البقرة:24]، وهناك من يخاف من يوم القيامة وأهواله: ) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ( [البقرة:281] وهناك من يخاف أن تقل عليه النعم فى الدنيا ويحل عليه الفقر: ( قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) [الزمر:10]
والخوف من الله درجات: ) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ([آل عمران:102] كيف نتقه ؟ الإجابات كثيره ومنها ما قيل فى معنى الحديث: ) أن توحده فلا تجحده وأن تذكره فلا تنساه وأن تشكره فلا تكفره وأن تطيعه فلا تعصاه (
هل هناك تقوى أعلى من ذلك؟ نعم، ويظل الإنسان يرتقى فيها حتى يلبسه الله لباس التقوى) وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ( [الأعراف:26]، وهل هناك أعلى من ذلك؟ نعم، يكون هو نفسه أهل لهذا المقام: ( هُوَ أَهْلُ التَّقْوَىٰ وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) [المدّثر] فيرتقى فى هذه المقامات، ويحضر لها الشهادات التى تؤهله لنوالها حتى يصيربعون الله
( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) [القمر].
إذاً هذه هى الدرجات والمقامات والمنح والعطاءات، وأنت الذى تحدد لنفسك الأمل، والأمل هو الذى يدفعك للعمل!!!
والله عز وجل إذا رأى صدقك يعينك ويقويك حتى يبلغك الأمل، فالذى يعيش فى الدنيا وليس عنده أمل فيما عند الله أو فى الدار الآخرة قال فيهم الإمام علىّ رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه: (هؤلاء همج رعاع أتباع كل ناعق) لكن المؤمن لابد أن يكون له وجهة وله أمل يحدده، ولذلك يقول الإمام أبوالعزائم رضي الله عنه:
☀أبداً إلى هذا الجناب حنينى
لا صبر لى حتى تراه عيونى☀
لن أصبر ولن أسكن حتى أراه، فما أملك؟ قال:
☀وغاية بغيتى يبدوا حبيبى
بعين الروح لا يبدوا خفيا☀
🌹كل أملى أن أراه بعين القلب، ما الذى يوصل إلى ذلك؟ عليه أن يسأل كتاب الله، ويسأل رسول الله ويسأل الصالحين من عباد الله حتى يعمل الذى يحقق له هذا الأمل بتوفيق الله ومعونة الله جل فى علاه.
إذاً لابد أن يكون لك أمل، ما الأمل الذى ترجوه من الله؟ مع علمك أن الله عز وجل كريم، لا يرفع أحد يده إليه ويرده صفرا من عطاءه، وإياك أن تحدد أشياء دنيوية دنية وإلا ستكون خيبتك كاملة وأنت تفارق هذه الدار إلى الدار الرضوانية وتقول:
( يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ) [الزمر:56] فلا يكون كل أملك فى الأولاد أو الغِنى أو المنصب أو الدنيا .... فكل هذه آمال كاسدة وفانية، ولكن الأمل يجب أن يكون فيما يبقى: واللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه].
الإمام أبوالعزائم رضي الله عنه عندما كان يدعو الله كان دعاءه أشياءاً ذاتية من الحضرة الإلهية مثل: (اللهم إنى أسألك قرباً يمحق ما بينى وبينك من البين حتى تقع العين على العين، اللهم جمالاً يعمنا وإحساناً يشملنا وفضلاً عظيماً يدوم لنا ..) فسمعه أحد علماء الأزهر فقال له: لِمَ لا تطلب شيئاً من الدنيا؟ فقال له: لو بعث إليك الملك يطلب منك أن تزوره فماذا تفعل؟ قال: أجهز نفسى بشكل يليق لزيارة الملك!، قال: لو أخبروك أنك ستخطب أمام الملك فماذا تفعل؟ قال: أجهز خطبة عصماء، قال:
لو ذهبت للملك وخطبت خطبتك ونلت إعجاب الملك وقال لك اطلب ما تتمناه، فهل تطلب منه مليماً؟ قال: لا، وإلا كان هذا احتقاراً له، ولكن أطلب منه مشيخة الإسلام مثلاً أو كذا وكذا من الأمور العالية، قال: كذلك الدنيا من أولها إلى آخرها لا تساوى عند الله مليماً! فإذا طلبت فاطلب أشياء غالية وعالية وراقية!!
يعنى رضي الله عنه كأن تطلب جمال وجه الله، أو جواره فى دار كرامته، أو بجوار أحبته، أو بجوار حبيب الله ومصطفاه، أو أن يكشف لك الحجب حتى تتمتع بجمال نوره وبهاه!
ولذلك قال الإمام على رضي الله عنه : ( علو الهمة من الإيمان ){ 2}وهذا الذى جعل الصالحين يتحلون بالصبر لأن طلباتهم عالية، فطلبك تحدده فى نفسك وفى فؤادك وفى قلبك، فيكون لك أمل، وعلى هذا الأمل يكون برنامج العمل الموصل لهذا الأمل.
ولذلك أتعجب لكثير من الإخوان تسأله عن برنامجه فيقول لا شئ، فأعلم أنه لا يريد شيئاً، هذا غنى على حضرة الغنى!! الغنى يفتح له الباب فيقول لا أريد شئ!!
فماذا يريد إذاً؟ هل يريد هذه الجيفة؟ ( الدنيا جيفة وطلابها كلاب ){ 3}
فبعض الناس تسجد آناء الليل وأطراف النهار يطلبون هذه الجيفة!! مع أنها هى التى تقطع الأرحام وتأتى بالخلافات بين الأنام.
فلو أردت أن تضع لك برنامجاً يوصل للأمل، فنحن والحمد لله معنا بيت خبرة ربانى يضع لك المنهج الكفيل لأن يوصلك لهذا الأمل، وهو بيت الخبرة ربانى ومعتمد من عند الله ومن لدن حبيبه ومصطفاه صلي الله عليه وسلم: ؟ ( الرَّحْمَٰنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ) [الفرقان].
🌹{ 1} رواه البخارى ومسلم، عن طلحة بن عبيد الله.
🌹{ 2} مرقاة المفاتيح، تفسير حقى.
🌹{ 3} ورد بلفظ { الدُّنْيَا جِيفَةٌ فَمَنْ أَرَادَهَا فَلْيَصْبِرْ عَلَى مُخَالَطَةِ الكِلاَبِ } الديلمي عن علي.
🌹☀🌹 همسات صوفية للشيخ فوزي محمد أبوزيد🌹☀🌹
🌹☀🌹 من كتاب الأجوبة الربانية في الأسئلة الصوفية 🌹☀🌹
لتحميل الكتاب