عدد المشاهدات:
إن الجنة التي أسكن الله فيها آدم عليه السلام
لم تكن دار نعيم يقيم فيها للأبد، ولكن الله أسكنه فيها للابتلاء والاعتبار، ومن
هنا أمره الله ونهاه وهو في الجنة.
والجنة قد جعلها الله للتكريم
والتشريف وليست للتعريف والتكليف، فلما أمر الله آدم عليه السلام بأن يسكن الجنة
هو وزوجته حواء، وأن يأكلا من جميع خيراتها، ويتمتعا بما فيها، ولما نهاهما الله
عن الاقتراب من شجرة معهودة في الجنة، علمنا أن الله أسكنه الجنة للابتلاء
والاختبار وليس للجزاء والثواب، وحيث أن جنة آدم كانت للتكليف وللأمر والنهي فحصل
وقوع المعصية فيها لأنه صارت أشبه شيء بعالم الحياة الدنيا. الذي ترد فيه من
المكلف الطاعة والمعصية.
أما الجنة التي وعد الله بها
المؤمنين فهي للسعادة الأبدية، وللنعيم المقيم والسرور الدائم ونوال كل ما يشتهيه
الإنسان وكل ما يتمناه من غير أن يعتري ذلك خلل ولا وصب ولا نصب ولا فتور، لأن
الجنة بالنسبة للمؤمنين دار الجزاء الأوفى ودار الخلود الأبدي جزاءا على ما قدموا
لأنفسهم في الحياة الدنيا من الخيرات والصالحات.
وقد سبق أن قلنا أن جنة آدم عليه السلام كانت للتكليف والتعريف، وقد
مرَّ آنفا بيان التكليف أما التعريف فإن الله عزَّ وجلَّ قد علم آدم الأسماء كلها، وعرفه مسميات هذه
الأسماء حتى يكون على علم بكل الحقائق والأشياء التي يتعامل معها سواء في الجنة أو
في عالم الدنيا، وكان تعليم الله لآدم عليه السلام عن طريق الإلهام وإلقاء المعاني والمعلومات في
نفس آدم وليس عن طريق الملائكة، ولذلك أمره الله أيضًا بأن يعلم الملائكة مما
تعلمه من الحق جلَّ جلاله، فكانت جنة آدم دار عمل ودار علم يعمل فيها ما يأمره الله به، ويتعلم فيها
ما يعلمه الله له ويُعلم فيه الملائكة عليهم السلام، كما كان أيضًا يُعلم كل
ذلك لزوجته حواء عليها السلام والله ورسوله أعلم
منقول من كتاب بريد الى القلوب
لفضيلة الشخ محمد على سلامة
وكيل وزارة الاوقاف ببورسعيدسابقا