عدد المشاهدات:
الجواب
الورد أو الحزب هو مجموعة من الأذكار المأثورة أو غيرها يلتزمها الذاكر ويواظب عليها؛ رغبة منه فى التقرب من الله, وهو تطوع يتطوع به المسلم لم يفرضه الله عليه, قال الشيخ زكريا الأنصارى رحمه الله: (وتطوع وهو: ما لم يرد فيه نقل بخصوصه بل ينشئه الإنسان باختياره من الأوراد)([1]).
قال ابن حجر الهيثمى (رحمه الله): (محافظة الإنسان على أوراد له من الصلاة, أو القراءة, أو الذكر, أو الدعاء طرفى النهار وزلفاً من الليل, وغير ذلك, فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحين من عباد الله قديماً وحديثاً, فما سُنَّ عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات, فُعِلَ كذلك, وما سُنَّ المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عُمِلَ كذلك, كما كان الصحابة رضي الله عنهم، يجتمعون أحياناً يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون, وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: يا أبا موسى, ذكرنا ربنا, فيقرأ وهم يستمعون)([2]).
وكان حديث العلماء عن الأوراد وكأنها أمر متفق عليه, فيذكرونها فى أثناء كلامهم دون التنبيه على حكمها أو الاختلاف بشأنها, ومن ذلك قول ابن نجيم: (وذكر الحلوانى أنه لا بأس بأن يقرأ بين الفريضة والسنة الأوراد)([3]).
ولقد نبه العلماء على فائدة الالتزام بتلك الأوراد, وضرورة الحفاظ عليها. قال النووى: ينبغى لمن كان له وظيفة من الذكر فى وقت من ليل أو نهار, أو عقب صلاة, أو حالة من الأحوال, ففاتته, أن يتداركها ويأتى بها إذا تمكن منها ولا يهملها, فإنه إذا اعتاد عليها لم يعرضها للتفويت, وإذا تساهل فى قضائها سهل عليه تضييعها فى وقتها.
قال الشوكانى: وقد كان الصحابة رضي الله عنهم، يقضون ما فاتهم من أذكارهم التى يفعلونها فى أوقات مخصوصة. وقال ابن علان: المراد بالأحوال: الأحوال المتعلقة بالأوقات, لا المتعلقة بالأسباب كالذكر عند رؤية الهلال, وسماع الرعد, ونحو ذلك, فلا يندب تداركه عند فوات سببه. ومن ترك الأوراد, بعد اعتيادها يكره له ذلك([4]).
قال ابن الحاج: (وينبغى للمريد أن تكون أوقاته مضبوطة لكل وقت منها عمل يخصه من الأوراد فلا يقتصر فى الورد على ما سبق من الصلاة والصوم, بل كل أفعال المريد ورد.
قد كان السلف رحمهم الله، يقولون جواباً لمن طلب الاجتماع بأحد من إخوانه ويكون نائماً: هو فى ورد النوم. فالنوم وما شاكله هو من جملة الأوراد التى يتقرب بها إلى ربه تعالى, وإذا كان كذلك فيكون وقت النوم معلوماً كما أن وقت ورده بالليل يكون معلوماً, وكذلك اجتماعه بإخوانه يكون معلوماً. وكذلك الحديث مع أهله وخاصته يكون معلوماً, كل ذلك ورد من الأوراد؛ إذ إن أوقاته مستغرقة فى طاعة ربه تعالى فلا يأتى إلى شئ مما أبيح له فعله, أو ندب إليه إلا بنية التقرب إلى الله تعالى, وهذا هو حقيقة الورد أعنى التقرب إلى الله تعالى, وهذا على جادة الاجتهاد, والفراغ من الصحة, والسلامة من العوائق والعوارض, أو من حال يرد يكون سبباً لترك شئ من ذلك)([5]).
ولذا نرى أن الالتزام بالأوراد والأحزاب فى ذكر الله تعالى, هو الوسيلة الوحيدة التى تعاون المسلم على المداومة على ذكر الله, وهى فعل السلف الصالح, ولذا فهى مستحبة, فالوسائل لها حكم المقاصد.
حلقات الذكر سنة
** ما حكم الاجتماع على الذكر فى حلق؟
الجواب
الاجتماع على الذكر فى حلق سنة ثابتة بأدلة الشرع الشريف, أمر الله بها فى كتابه العزيز, فقال تعالى: )وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (الكهف ). وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن لله تعالى ملائكة يطوفون فى الطريق يلتمسون أهل الذكر, فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هَلُمُّوا إلى حاجتكم, فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا..... إلى أن قال: فيقول الله U: أشهدكم أنى غفرت لهم. فيقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم, إنما جاء لحاجة, قال: هم الجلساء لا يشقى جليسهم)([6]).
وعن معاوية رضي الله عنه: (أن النبى صلى الله عليه وسلم، خرج على حلقة من أصحابه, فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام وَمَنَّ به علينا.... إلى أن قال: أتانى جبريل فأخبرنى أن الله يباهى بكم الملائكة)([7]).
وقد بوب النووى الحديث الأول فى كتابه رياض الصالحين بعنوان, باب فضل: (حلق الذكر), والذكر فى الشريعة الإسلامية له معان كثيرة منها: الإخبار المجرد عن ذات الله, أو صفاته, أو أفعاله, أو أحكامه, أو بتلاوة كتابه, أو بمسألته ودعائه, أو بإنشاء الثناء عليه بتقديسه, وتمجيده, وتوحيده, وحمده, وشكره وتعظيمه, ولا دليل أن حلق الذكر المراد بها هنا دروس العلم.
وقد أورد الصنعانى حديث مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما جلس قوم يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة, وغشيتهم الرحمة, وذكرهم الله فيمن عنده)([8]).
ثم قال: (دل الحديث على فضيلة مجالس الذكر والذاكرين, وفضيلة الاجتماع على الذكر. وأخرج البخارى: (أن ملائكة يطوفون فى الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تعالى تنادوا هَلُمُّوا إلى حاجتكم. قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا) الحديث. وهذا من فضائل مجالس الذكر تحضرها الملائكة بعد التماسهم لها.
والمراد بالذكر هو: التسبيح, والتحميد, وتلاوة القرآن, ونحو ذلك, وفى حديث البَزَّار (إنه تعالى يسأل ملائكته: ما يصنع العباد؟ وهو أعلم بهم, فيقولون: يعظمون آلاءك, ويتلون كتابك, وَيُصَلُّونَ على نبيك, ويسألونك لآخرتهم ودنياهم), والذكر حقيقة فى ذكر اللسان ويؤجر عليه الناطق ولا يشترط استحضار معناه, وإنما يشترط ألا يقصد غيره, فإن انضاف إلى الذكر باللسان الذكر بالقلب فهو أكمل, وإن انضاف إليهما استحضار معنى الذكر, وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى, ونفى النقائص عنه ازداد كمالاً, فإن وقع ذلك فى عمل صالح مما فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما فكذلك, فإن صح التوجه وأخلص لله فهو أبلغ فى الكمال([9]).
ومما سبق يعلم أن التجمع لذكر الله بقراءة القرآن, أو مدارسة العلم, أو التسبيح والتهليل والتحميد من السنن التى حث عليها ربنا فى كتابه العزيز, وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، الصحيحة الصريحة.
والله تعالى أعلى وأعلم
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الغرر البهية, لشيخ الإسلام زكريا الأنصارى, ج1 ص387.
([2]) الفتاوى الفقهية الكبرى, لابن حجر الهيثمى, ج2 ص 385.
([3]) البحر الرائق, لابن نجيم, ج2 ص 52.
([4]) الموسوعة الفقهية الكويتية, ج21 ص 257, 258, حرف الذال, ذكر.
([5]) المدخل, للعبدرى ابن الحاج: ج3 ص 179, 180.
([6]) أخرجه البخارى فى صحيحه, ج5 ص 2353.
([7]) أخرجه مسلم فى صحيحه, ج4 ص 2075.
([8]) أخرجه مسلم فى صحيحه, ج4 ص 2074.
الورد أو الحزب هو مجموعة من الأذكار المأثورة أو غيرها يلتزمها الذاكر ويواظب عليها؛ رغبة منه فى التقرب من الله, وهو تطوع يتطوع به المسلم لم يفرضه الله عليه, قال الشيخ زكريا الأنصارى رحمه الله: (وتطوع وهو: ما لم يرد فيه نقل بخصوصه بل ينشئه الإنسان باختياره من الأوراد)([1]).
قال ابن حجر الهيثمى (رحمه الله): (محافظة الإنسان على أوراد له من الصلاة, أو القراءة, أو الذكر, أو الدعاء طرفى النهار وزلفاً من الليل, وغير ذلك, فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحين من عباد الله قديماً وحديثاً, فما سُنَّ عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات, فُعِلَ كذلك, وما سُنَّ المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد عُمِلَ كذلك, كما كان الصحابة رضي الله عنهم، يجتمعون أحياناً يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون, وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: يا أبا موسى, ذكرنا ربنا, فيقرأ وهم يستمعون)([2]).
وكان حديث العلماء عن الأوراد وكأنها أمر متفق عليه, فيذكرونها فى أثناء كلامهم دون التنبيه على حكمها أو الاختلاف بشأنها, ومن ذلك قول ابن نجيم: (وذكر الحلوانى أنه لا بأس بأن يقرأ بين الفريضة والسنة الأوراد)([3]).
ولقد نبه العلماء على فائدة الالتزام بتلك الأوراد, وضرورة الحفاظ عليها. قال النووى: ينبغى لمن كان له وظيفة من الذكر فى وقت من ليل أو نهار, أو عقب صلاة, أو حالة من الأحوال, ففاتته, أن يتداركها ويأتى بها إذا تمكن منها ولا يهملها, فإنه إذا اعتاد عليها لم يعرضها للتفويت, وإذا تساهل فى قضائها سهل عليه تضييعها فى وقتها.
قال الشوكانى: وقد كان الصحابة رضي الله عنهم، يقضون ما فاتهم من أذكارهم التى يفعلونها فى أوقات مخصوصة. وقال ابن علان: المراد بالأحوال: الأحوال المتعلقة بالأوقات, لا المتعلقة بالأسباب كالذكر عند رؤية الهلال, وسماع الرعد, ونحو ذلك, فلا يندب تداركه عند فوات سببه. ومن ترك الأوراد, بعد اعتيادها يكره له ذلك([4]).
قال ابن الحاج: (وينبغى للمريد أن تكون أوقاته مضبوطة لكل وقت منها عمل يخصه من الأوراد فلا يقتصر فى الورد على ما سبق من الصلاة والصوم, بل كل أفعال المريد ورد.
قد كان السلف رحمهم الله، يقولون جواباً لمن طلب الاجتماع بأحد من إخوانه ويكون نائماً: هو فى ورد النوم. فالنوم وما شاكله هو من جملة الأوراد التى يتقرب بها إلى ربه تعالى, وإذا كان كذلك فيكون وقت النوم معلوماً كما أن وقت ورده بالليل يكون معلوماً, وكذلك اجتماعه بإخوانه يكون معلوماً. وكذلك الحديث مع أهله وخاصته يكون معلوماً, كل ذلك ورد من الأوراد؛ إذ إن أوقاته مستغرقة فى طاعة ربه تعالى فلا يأتى إلى شئ مما أبيح له فعله, أو ندب إليه إلا بنية التقرب إلى الله تعالى, وهذا هو حقيقة الورد أعنى التقرب إلى الله تعالى, وهذا على جادة الاجتهاد, والفراغ من الصحة, والسلامة من العوائق والعوارض, أو من حال يرد يكون سبباً لترك شئ من ذلك)([5]).
ولذا نرى أن الالتزام بالأوراد والأحزاب فى ذكر الله تعالى, هو الوسيلة الوحيدة التى تعاون المسلم على المداومة على ذكر الله, وهى فعل السلف الصالح, ولذا فهى مستحبة, فالوسائل لها حكم المقاصد.
حلقات الذكر سنة
** ما حكم الاجتماع على الذكر فى حلق؟
الجواب
الاجتماع على الذكر فى حلق سنة ثابتة بأدلة الشرع الشريف, أمر الله بها فى كتابه العزيز, فقال تعالى: )وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (الكهف ). وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن لله تعالى ملائكة يطوفون فى الطريق يلتمسون أهل الذكر, فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هَلُمُّوا إلى حاجتكم, فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا..... إلى أن قال: فيقول الله U: أشهدكم أنى غفرت لهم. فيقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم, إنما جاء لحاجة, قال: هم الجلساء لا يشقى جليسهم)([6]).
وعن معاوية رضي الله عنه: (أن النبى صلى الله عليه وسلم، خرج على حلقة من أصحابه, فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام وَمَنَّ به علينا.... إلى أن قال: أتانى جبريل فأخبرنى أن الله يباهى بكم الملائكة)([7]).
وقد بوب النووى الحديث الأول فى كتابه رياض الصالحين بعنوان, باب فضل: (حلق الذكر), والذكر فى الشريعة الإسلامية له معان كثيرة منها: الإخبار المجرد عن ذات الله, أو صفاته, أو أفعاله, أو أحكامه, أو بتلاوة كتابه, أو بمسألته ودعائه, أو بإنشاء الثناء عليه بتقديسه, وتمجيده, وتوحيده, وحمده, وشكره وتعظيمه, ولا دليل أن حلق الذكر المراد بها هنا دروس العلم.
وقد أورد الصنعانى حديث مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما جلس قوم يذكرون الله فيه إلا حفتهم الملائكة, وغشيتهم الرحمة, وذكرهم الله فيمن عنده)([8]).
ثم قال: (دل الحديث على فضيلة مجالس الذكر والذاكرين, وفضيلة الاجتماع على الذكر. وأخرج البخارى: (أن ملائكة يطوفون فى الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تعالى تنادوا هَلُمُّوا إلى حاجتكم. قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا) الحديث. وهذا من فضائل مجالس الذكر تحضرها الملائكة بعد التماسهم لها.
والمراد بالذكر هو: التسبيح, والتحميد, وتلاوة القرآن, ونحو ذلك, وفى حديث البَزَّار (إنه تعالى يسأل ملائكته: ما يصنع العباد؟ وهو أعلم بهم, فيقولون: يعظمون آلاءك, ويتلون كتابك, وَيُصَلُّونَ على نبيك, ويسألونك لآخرتهم ودنياهم), والذكر حقيقة فى ذكر اللسان ويؤجر عليه الناطق ولا يشترط استحضار معناه, وإنما يشترط ألا يقصد غيره, فإن انضاف إلى الذكر باللسان الذكر بالقلب فهو أكمل, وإن انضاف إليهما استحضار معنى الذكر, وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى, ونفى النقائص عنه ازداد كمالاً, فإن وقع ذلك فى عمل صالح مما فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما فكذلك, فإن صح التوجه وأخلص لله فهو أبلغ فى الكمال([9]).
ومما سبق يعلم أن التجمع لذكر الله بقراءة القرآن, أو مدارسة العلم, أو التسبيح والتهليل والتحميد من السنن التى حث عليها ربنا فى كتابه العزيز, وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، الصحيحة الصريحة.
والله تعالى أعلى وأعلم
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) الغرر البهية, لشيخ الإسلام زكريا الأنصارى, ج1 ص387.
([2]) الفتاوى الفقهية الكبرى, لابن حجر الهيثمى, ج2 ص 385.
([3]) البحر الرائق, لابن نجيم, ج2 ص 52.
([4]) الموسوعة الفقهية الكويتية, ج21 ص 257, 258, حرف الذال, ذكر.
([5]) المدخل, للعبدرى ابن الحاج: ج3 ص 179, 180.
([6]) أخرجه البخارى فى صحيحه, ج5 ص 2353.
([7]) أخرجه مسلم فى صحيحه, ج4 ص 2075.
([8]) أخرجه مسلم فى صحيحه, ج4 ص 2074.