عدد المشاهدات:
" بَسَطَكَ كي لا يبقيك مع القبض، وقَبَضَك كي لا يتركك مع البسط، وأخرجك عنهما كي لاتكون لشيء دونه ".
البسط فرح يعتري القلوب أو الأرواح، إما بسبب قرب شهود الحبيب، أو شهود جماله أو بكشف الحجاب عن أوصاف كماله وتجلى ذاته، أو بغير سبب.
والقبض حزن وضيق يعتري القلب، إما بسبب فوات مرغوب أو عدم حصول مطلوب أوبغير سبب، وهما يتعاقبان على السالك تعاقب الليل والنهار، فالعوام إذا غلب عليهم الخوف أنقبضوا، وإذا غلب عليهم الرجاء أنبسطوا، والخواص إذا تجلى لهم بوصف الجمال أنبسطوا، وإذا تجلى لهم بوصف الجلال أنقبضوا، وخواص الخواص استوى عندهم الجلال والجمال، فلا تغيرهم واردات الأحوال لأنهم بالله ولله لا لشيء سواه، فالأولون ملكتهم الأحوال، وخواص الخواص مالكون الأحوال، فمن لطفه بك أيها السالك أخرجك من الأغيار ودفعك إلى حضرة الأسرار، فإذا أخذك القبض وتمكن منك الخوف وسكنت تحت قهره وأنست بأمره أخرجك إلى البسط لئلا يحترق قلبك ويذوب جسمك، فإذا حبسك البسط وفرحت به وأنست بجماله قبضك لئلا يتركك مع البسط فتسيء الأدب وتجر إلى العطب، إذ لا يقف مع الأدب في البسط إلا القليل، هكذا يسيرك بين شهود جلاله وجماله، فإذا شهدت أثر وصف الجلال أنقبضت وإذا شهدت أثر وصف الجمال أنبسطت، ثم يفتح لك الباب ويرفع بينك وبينه الحجاب فتتنزه في كمال الذات وشهود الصفات فتغيب عن أثر الجلال والجمال بشهود الكبير المتعال، فلا جلاله يحجبك عن جماله، ولا جماله يحجبك عن جلاله، ولا ذاته تحبسك عن صفاته، ولا صفاته تحبسك عن ذاته، تشهد جماله في جلاله في جماله وتشهد ذاته في صفاته وصفاته في ذاته، أخرجك عن شهود أثر الجلال والجمال لتكون عبد الله في كل حال، أخرجك عن كل شيء لتكون حراً من كل شيء وعبداً له في كل شيء.
قال بعضهم:" القبض أولاً ثم البسط ثانياً ثم لا قبض ولا بسط، لأن القبض والبسط لمعان في الوجود وأما مع الفناء والبقاء فلا" واعلم أن القبض والبسط لهما آداب، فإذا أساء فيهما الأدب طرد إلى الباب أو إلى سياسة الدواب.
فمن آداب القبض الطمأنينة والوقار والسكون تحت مجاري الأقدار والرجوع إلى الواحد القهار، فإن القبض شبيه بالليل والبسط شبيه بالنهار، ومن شأن الليل الرقاد والهدو والسكون والحنو، فاصبر أيها المريد واسكن تحت ظلمة ليل القبض حتى تشرق عليك شموس نهار البسط، إذ لا بد لليل من تعاقب النهار ولا بد للنهار من تعاقب الليل، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل.
هذا آداب القبض الذي لا تعرف له سبباً، وأما أن عرفت له سبباً فارجع فيه إلى مسبب الأسباب، ولذ بجانب الكريم الوهاب، فهل عودك إلا حسناً، وهل أسدي إليك إلا منناً، "فالذي واجهتك منه الأقدار هو الذي عودك حسن الأختيار" فالذي أنزل الداء هو الذي بيده الشفاء، يا مهموم بنفسه لو ألقيتها إلى الله لأسترحت، فما تجده القلوب من الأحزان فلاجل ما منعته من الشهود والعيان.
والحاصل أن سبب القبض انما هو النظر للسوى والغفلة عن المولى، وأما أهل الصفا فلا يشهدون إلا الصفا، ولذلك كان عليه الصلاة السلام يقول:" من أصابه هم أو غم فليقل الله الله لا أشرك به شيئاً فإن الله يذهب همه وغمه" أو كما قال عليه السلام، والحديث صحيح، فأنظر كيف دل عليه الصلاة والسلام المقبوض إلى الدواء وهو شهود التوحيد والغيبة عن الشرك فدلنا صلى الله عليه وسلم على القول والمراد منه المعنى فكأنه قال اعرفوا الله ووحدوه ينقلب قبضكم بسطاً ونقمتكم نعمة.
ومن آداب البسط، كف الجوارح عن الطغيان وخصوصاً جارحة اللسان، فإن النفس إذا فرحت بطرت وخفت ونشطت، فربما تنطق بكلمة لا تلقي لها بالا فتسقط في مهاوي القطيعة بسبب سوء أدبها، فإذا أحس المريد بالبسط فليلجم نفسه بلجام الصمت وليتحل بحلية السكينة والوقار وليدخل خلوته وليلتزم بيته، فمثل الفقير في حالة البسط والقوة كقدر على وفار فإن تركه يغلي اهراق ادامه وبقي شاحتاً وان كفه وأخمد ناره بقي ادامه تاماً، كذلك الفقير في حالة القوة والبسط يكون نوره قوياً وقلبه مجموعاً فإذا تحرك وبطش وتتبع قوته برد ورجع لضعفه وما ذلك إلا لسوء أدبه والله تعالى أعلم .
البسط فرح يعتري القلوب أو الأرواح، إما بسبب قرب شهود الحبيب، أو شهود جماله أو بكشف الحجاب عن أوصاف كماله وتجلى ذاته، أو بغير سبب.
والقبض حزن وضيق يعتري القلب، إما بسبب فوات مرغوب أو عدم حصول مطلوب أوبغير سبب، وهما يتعاقبان على السالك تعاقب الليل والنهار، فالعوام إذا غلب عليهم الخوف أنقبضوا، وإذا غلب عليهم الرجاء أنبسطوا، والخواص إذا تجلى لهم بوصف الجمال أنبسطوا، وإذا تجلى لهم بوصف الجلال أنقبضوا، وخواص الخواص استوى عندهم الجلال والجمال، فلا تغيرهم واردات الأحوال لأنهم بالله ولله لا لشيء سواه، فالأولون ملكتهم الأحوال، وخواص الخواص مالكون الأحوال، فمن لطفه بك أيها السالك أخرجك من الأغيار ودفعك إلى حضرة الأسرار، فإذا أخذك القبض وتمكن منك الخوف وسكنت تحت قهره وأنست بأمره أخرجك إلى البسط لئلا يحترق قلبك ويذوب جسمك، فإذا حبسك البسط وفرحت به وأنست بجماله قبضك لئلا يتركك مع البسط فتسيء الأدب وتجر إلى العطب، إذ لا يقف مع الأدب في البسط إلا القليل، هكذا يسيرك بين شهود جلاله وجماله، فإذا شهدت أثر وصف الجلال أنقبضت وإذا شهدت أثر وصف الجمال أنبسطت، ثم يفتح لك الباب ويرفع بينك وبينه الحجاب فتتنزه في كمال الذات وشهود الصفات فتغيب عن أثر الجلال والجمال بشهود الكبير المتعال، فلا جلاله يحجبك عن جماله، ولا جماله يحجبك عن جلاله، ولا ذاته تحبسك عن صفاته، ولا صفاته تحبسك عن ذاته، تشهد جماله في جلاله في جماله وتشهد ذاته في صفاته وصفاته في ذاته، أخرجك عن شهود أثر الجلال والجمال لتكون عبد الله في كل حال، أخرجك عن كل شيء لتكون حراً من كل شيء وعبداً له في كل شيء.
قال بعضهم:" القبض أولاً ثم البسط ثانياً ثم لا قبض ولا بسط، لأن القبض والبسط لمعان في الوجود وأما مع الفناء والبقاء فلا" واعلم أن القبض والبسط لهما آداب، فإذا أساء فيهما الأدب طرد إلى الباب أو إلى سياسة الدواب.
فمن آداب القبض الطمأنينة والوقار والسكون تحت مجاري الأقدار والرجوع إلى الواحد القهار، فإن القبض شبيه بالليل والبسط شبيه بالنهار، ومن شأن الليل الرقاد والهدو والسكون والحنو، فاصبر أيها المريد واسكن تحت ظلمة ليل القبض حتى تشرق عليك شموس نهار البسط، إذ لا بد لليل من تعاقب النهار ولا بد للنهار من تعاقب الليل، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل.
هذا آداب القبض الذي لا تعرف له سبباً، وأما أن عرفت له سبباً فارجع فيه إلى مسبب الأسباب، ولذ بجانب الكريم الوهاب، فهل عودك إلا حسناً، وهل أسدي إليك إلا منناً، "فالذي واجهتك منه الأقدار هو الذي عودك حسن الأختيار" فالذي أنزل الداء هو الذي بيده الشفاء، يا مهموم بنفسه لو ألقيتها إلى الله لأسترحت، فما تجده القلوب من الأحزان فلاجل ما منعته من الشهود والعيان.
والحاصل أن سبب القبض انما هو النظر للسوى والغفلة عن المولى، وأما أهل الصفا فلا يشهدون إلا الصفا، ولذلك كان عليه الصلاة السلام يقول:" من أصابه هم أو غم فليقل الله الله لا أشرك به شيئاً فإن الله يذهب همه وغمه" أو كما قال عليه السلام، والحديث صحيح، فأنظر كيف دل عليه الصلاة والسلام المقبوض إلى الدواء وهو شهود التوحيد والغيبة عن الشرك فدلنا صلى الله عليه وسلم على القول والمراد منه المعنى فكأنه قال اعرفوا الله ووحدوه ينقلب قبضكم بسطاً ونقمتكم نعمة.
ومن آداب البسط، كف الجوارح عن الطغيان وخصوصاً جارحة اللسان، فإن النفس إذا فرحت بطرت وخفت ونشطت، فربما تنطق بكلمة لا تلقي لها بالا فتسقط في مهاوي القطيعة بسبب سوء أدبها، فإذا أحس المريد بالبسط فليلجم نفسه بلجام الصمت وليتحل بحلية السكينة والوقار وليدخل خلوته وليلتزم بيته، فمثل الفقير في حالة البسط والقوة كقدر على وفار فإن تركه يغلي اهراق ادامه وبقي شاحتاً وان كفه وأخمد ناره بقي ادامه تاماً، كذلك الفقير في حالة القوة والبسط يكون نوره قوياً وقلبه مجموعاً فإذا تحرك وبطش وتتبع قوته برد ورجع لضعفه وما ذلك إلا لسوء أدبه والله تعالى أعلم .