عدد المشاهدات:
قال الشيخ رضوان الله عليه:
إن العقبات التي تقف أمام السالك في طريق الله تعالى ثلاث:
أولا: الشهوات:
وهذه الشهوات تتمثل في حب النساء
من أجل غريزة الجنس والاستمتاع بهن. دون النظر إلى ما وراء ذلك من المعاني النبيلة
التي أمر الله ورسوله أن نحب النساء من أجلها وحب الأولاد من أجل العصبية
والافتخار والتكاثر بهم من غير اكتراث بالحكمة من هذا الحب وحب الذهب والفضة من
أجل كنزهما أو الإكثار منهما والتعالي بهما على الناس.
وحب الخيول المطهمة وما في حكمها
من المركبات والسيارات من أجل الزينة والتباهي والمتعة الجسمانية وليس من أجل الله
ورسوله.
وحب تملك البهائم والأنعام من أجل
الثراء العريض والاستئثار بخيراتها وحب تملك الأرض والحيازات، وكذلك العمارات وما
شاكلها من المؤسسات والمصانع والمزارع من أجل إشباع رغبة النفس وإمتاعها بهذه
الغريزة فهذه الشهوات وما يدور حولها ويتولد عنها تعتبر عقبات في طريق السالك إلى
الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن انشغال القلب بها،
واهتمام النفس بشأنها، ومزاحمة الناس في طلبها يشغل الإنسان ويلهيه عن ذكر الله
وعن طاعته والتقرب إليه جلَّ جلاله، أما الاكتفاء بما رزق الله منها
فإن ذلك يريح السالك ويفرغ قلبه إلى طلب مرضاة الله ورضاء رسوله صلى الله
عليه وسلم لا نعني بذلك أن يتهاون المؤمن في
العمل والإنتاج والإجادة والإتقان فإن هذا من روح الدين وأساسه والفرق واضح بين
الشهوات وبين الجد والنشاط.
ثانيا: الحظوظ:
وهي كل ما تحظى به النفس البشرية
وتفرح به من زهرة الحياة الدنيا والحصول عليها بالفعل، فالحظ هو نصيب الإنسان الذي
يأخذه ويناله من الشهوات التي أحبها وتمنتها نفسه، وذلك مثل اشتباه النفس للتفاح،
فقد لا يحصل الإنسان عليه ويظل يشتهيه فإذا ما حصل الإنسان عليه يكون قد أخذ حظه
ونصيبه من هذه الشهوة وكذلك باقي الشهوات التي ذكرناها في اليد الأول.
ثالثًا: الآمال:
وهي الأشياء التي يرغب فيها
الإنسان، ويتمناها مثل حب السلامة والعافية وحب الخلود والبقاء في هذه الدنيا وحب
الجاه والمراكز والسلطان وحب السمعة والمجد والمحمدة عند الناس، فهذه كلها آمال
تؤثر تأثيرًا مباشرًا على قلب السالك الذي يرجو لقاء ربه ويرجو رضوان الله الأكبر
ويرجو معية رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الدنيا والآخرة وإلى
كل هذه النقاط الثلاث يشير الإمام أبو العزائم رضي الله عنه
بقوله:
إن الطريق مَراحل هي شهوة حظ وآمال بنص كتـــــــــــــاب
فوق الرواحل همة علمٌ بــــــه ينجو من الشيطان من مرتاب
وعلى ذلك فإن السالك في طريق الله
تعالى يجب عليه، أن يتسلح بالهمة العالية والعزيمة الصادقة والإرادة القوية، وأن
يتسلح بالعلم النافع الذي يكشف له عن مراحل الطريق إلى الله تعالى، وعن العقبات
التي تواجهه وتعترض طريقه حتى يقتحم تلكم العقبات وهذه الحواجز القوية، كما أنه
يجب عليه أن يستعين بالرفاق الأمناء والإخوان المخلصين من أجل ذلك أيضًا فإنه بذلك
يكون حريًا ببلوغ مقاصده والوصول إلى مطالبه التي خلقه الله من أجلها، وتعبده الله
بها، واستعمله فيها والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وصلى الله على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم.
كذلك يجب على السالك أن يتقن
العلوم الكونية التي تدفع المسلمين إلى الرقي والازدهار في مجالات الحياة الدنيا
فإن ذلك من العلم النافع الذي أمر الله بتعليمه والله يهدي من يشاء إلى صراط
مستقيم.
ملاحظة
الشهوة هي الشيء الزائد عن حاجة الإنسان أما ما يحتاج إليه فهو ضرورة
لحياته وبقائه وذلك أمر أوجب الشرع تحصيله والانتفاع به والمحافظة عليه فإذا أخذ
الإنسان حاجته من الطعام ولم يكتف بها واستمر في الأكل فإنه بذلك يشبع شهوته ويرضي
نفسه وهى لا ترضى كذلك في كل ضرورة من الضرورات إذا لم يكتف الإنسان بحاجته منها
فإنها تنقلب إلى شهوات يرتكس فيها الإنسان ولا يستطيع الإفلات منها إلا بالمرض أو
الموت وتعالى إلى حب النساء فإذا أحببت امرأة لتتزوجها فلا ضير في ذلك أما إذا
أحببتها لتتسلى بها أو تمتع ناظريك بها أو تغرر بها فذلك هو الإثم الكبير الموبق
في نار جهنم وهكذا باقي الشهوات التي جاءت في قول الله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ
الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ
الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾، [14، آل عمران ].
منقول من كتاب بريد الى القلوب
لفضيلة الشيخ محمد على سلامه
وكيل وزارة الاوقاف ببورسعيد